ولد فينسن في 15 ديسمبر 1860 في ( ثورسهافن ) بجزر فارو ، وكان الثاني في الترتيب بين أربعة أبناء لأبيه هانس شتاينغريم فينسين الذي تنحدر أسرته من أصول أيسلندية ، وأمه يوهانه فرومان ، التي ولدت ونشأت في أيسلندا ، انتقلت أسرة فينسن من أيسلندا إلى ثورسهافن سنة 1864، بعد أن عين الأب في وظيفة مساعد مأمور لجزر فارو ، وفي سنة 1864 ـ عندما كان فينسن الابن في الرابعة من عمره ـ تزوج أبوه من بريجيت كريستين فورمان ـ ابنة عم أمه ، لينجب منها فيما بعد ستة أبناء .
تلقى نيلس فينسن تعليمه الأولي في ثورسهافن ثم انتقل سنة 1874 إلى مدرسة هيرلوفسهولم Herlufsholm الداخلية بالدنمرك ، التي كان شقيقه الأكبر أولاف تلميذاً بها أيضاً ، وقد واجه نيلس ـ بعكس شقيقه الأكبر ـ صعوبات في مدرسة هيرلوفسهولم ، لدرجة أن ناظر المدرسة قال إن نيلس ( ولد ذو قلب طيب ، ولكن مهارته وطاقته محدودتان ) ، ونظراً لانخفاض معدلاته الدراسية في هيرلوفسهولم ، ألحق بمدرسة ( ليروي سكولين ) في العاصمة الأيسلندية ريكيافيك سنة 1876 ، وهي نفس المدرسة التي درس بها والده في صباه ، وشهد فى هذه المدرسة تحسناً ملحوظاً في درجاته الدراسية .
في سنة 1882 انتقل نيلس فينسن إلى كوبنهاجن العاصمة لدراسة الطب بجامعة كوبنهاجن ، حيث تخرج سنة 1890 م ، وعين نفس العام معيداً بقسم التشريح بها ، لكنه ترك هذه الوظيفة عام 1893 م ، ليكون أكثر تفرغاً لأبحاثه العلمية ، رغم أنه لم يتوقف عن إعطاء دروس خصوصية لطلبة الطب ساعدته على تدبير نفقات معيشته ، وفي سنة 1898 م ، منح فينسن درجة الأستاذية ، وفي سنة 1899 م ، حصل على وسام دانيبروج من رتبة فارس .
وفى سنة 1896 م ، تم تأسيس معهد باسم فينسن وتولى فينسن نفسه إدارته ، ثم ضُم فيما بعد إلى مستشفى جامعة كوبنهاجن ، وهو الآن مختبر مختص بأبحاث السرطان .
حصل فينسن على جائزة نوبل في الطب عام 1903 م ، تقديراً لمساهماته في علاج الأمراض ، وخاصةً داء ( * الذئبة التدرنية الشائعة ( lupus vulgaris) ( باستخدام الأشعة الضوئية المركزة ، فاتحاً مجالاً جديداً في العلوم الطبية ، غير أنه لم يتمكن من حضور مراسم التكريم التي أقيمت له في استكهولم في 10 ديسمبر 1903 م ، إذ أنه كان في ذلك الوقت قعيد كرسيه المتحرك في منزله يتلقى التهنئة من أصدقائه ومن العاملين لديه ، وقد قام فينسن بالتبرع بخمسين ألف كرونة من مبلغ الجائزة لمعهد فينسن (الذي أنشأه في كوبنهاغن عام 1896 لدراسة مرض الذئبة الحمراء) و60 ألف كرونة لمصحة أقامها هو أيضاً لمرضى القلب والكبد .
يعرف فينسن بنظريته في العلاج الضوئي ، والتي تقول بأن بعض الأطوال الموجية للضوء يمكن أن تكون لها فاعلية طبية ، ومن أهم أبحاثه في هذا المجال :
في تأثير الضوء على الجلد - بالدنمركية Om Lysets Indvirkninger paa Huden – 1893 م .
دراسة عن استخدام أشعة الضوء الكيميائي المركز في الطب - بالدنمركية Om Anvendelse i Medicinen af koncentrerede kemiske Lysstraaler – 1896 م
ترجم البحثان السابقان إلى الألمانية بعد قليل من صدورهما.
العلاج بالضوء La Photothérapie - صدر بالفرنسية عام 1899 م
كما اهتم في مرحلة لاحقة بالتأثيرات الصحية لملح الطعام ، ودرس الأنظمة الغذائية قليلة الصوديوم ، ونشر نتائج ذلك البحث تحت عنوان ( تراكم الملح في الكائن الحي (بالدنمركية: En Ophobning af Salt i Organismen ) )سنة 1904
الجوائز والتكريمات
حصل فينسن على وسام دانيبروغ من رتبة فارس عام 1899 ، وسام الصليب الفضي ، جائزة كاميرون من جامعة إدنبرة ، اختير عضواً شرفياً في العديد من الجمعيات الطبية بالدول الإسكندنافية وأيسلندا وروسيا وألمانيا وغيرها.
كما كرم فينسن بتسمية مختبر فينسن بمستشفى جامعة كوبنهاجن باسمه ، وأنشئ نصب تذكاري باسمه في ثورسهافن، وسمي باسمه أحد شوارع المدينة الرئيسية . كما أنشأ النحات رودلف تيجنر نصباً تذكارياً لفينسن أزيح عنه الستار في كوبنهاجن سنة 1909، وسمي النصب "نحو النور" رمزاً لنظرية فينسن العلمية الرائدة التي تقول بقدرة ضوء الشمس على شفاء الأمراض .
حياته الشخصية
في سنة 1889 ، تقدم نيلس فينسن لخطبة إنجيبورغ بالسليف ( 1868 -1963 ) ليتزوجا في 29 ديسمبر 1892 م ، وينجبا ( هالدور وغودرون )
مرضه العضال
عانى فينسن ابتداء من عام 1883 من داء بيك (بالإنكليزية: Pick's disease) الذي أدى إلى تدهور صحته وتضخم مضطرد في كبده وقلبه وطحاله واستسقاء ببطنه، مما أدى إلى خلل في وظائف هذه الأعضاء وجعل سنواته الأخيرة معاناة متصلة حيث عاش سنواته الأخيرة على كرسي متحرك وتم إجراء بزل للاستسقاء عدة مرات وصلت إلى 18 مرة، وفي النهاية أودى ذلك المرض بحياته في سن مبكرة. لكن مرض العضال - وإن كان قد أقعده عن الحركة والحياة الطبيعية - فإنه لم يكن عائقاً أمام قيامه بعمل إضافات علمية ملموسة إلى الطب. توفي فينسن في كوبنهاغن في 24 سبتمبر 1904 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
** الذئبة التدرنية الشائعة (Lupus vulgaris) هي إحدى أشكال الدرن الجلدي، وهي مؤلمة ذات شكل عقديّ ، تظهر في الوجه حول الأنف والأجفان والشفتين والخدين والأذنين قد تتحول إلى تقرحات جلدية إذا تركت دون علاج. في القرن التاسع عشر، تميزت الذئبة الشائعة بطبيعتها التقدمية المزمنة التي تستمر لعشرات السنين حيث لم يكن هناك علاج في ذلك الوقت حتى اخترع نيلس رايبيرج فنسن استخدام "أشعة الضوء المركزة" للعلاج فيما يعرف باسم العلاج بالضوء وحاز جائزة نوبل على هذا الاكتشاف .