ويستخدم تأثير زيمان في تطبيقات عديدة مثل مطياف الرنين المغناطيسي ( أجهزة الرنين المغنطيسى الطبية ) ، ومطياف رنين الدوران المغزلي للإلكترون ، وفي التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) ، وكثيرا ما يستخدم تأثير زيمان للتعيين الدقيق للأطياف الإمتصاصية للعناصر ، وفي حالة قياس خطوط الطيف الإمتصاصي ، يسمى بتأثير زيمان العكسي .
طفولته و شبابه : ولد بيتر زيمان فى ( 25 مايو عام 1865 م ) فى ( زونيمير Zonnemaire ) , وهى بلدة صغيرة على جزيرة شخون ديفلاند , بهولندا ، كان والده ( كاتارينوس فورادينوس زيمان ) قساً بالكنيسة البروتستانتية الهولندية , وأمه هى ( فيليمينا فورست ) ظهر اهتمامه بالفيزياء مبكرا ، ففى عام 1883 م ، ظهر الشفق القطبي ( قوس قُزح )بهولندا وكان ( زيمان ) في ذلك الوقت طالب بالمدرسة الثانوية ( بزيريكزى ) إحدى المدن الصغيرة بمقاطعة ( شوفن ) الهولندية , حيث قام بعمل رسم وتوصيف لتلك الظاهرة ( الشفق القطبى ) وأرسله لجريدة الطبيعة ، التى قامت بنشره ، وأشاد الصحفى بزيمان قائلا ( الملاحظة الدقيقة للأستاذ زيمان من زونيمير ) ، بعد تخرجه من المدرسة الثانوية عام 1883 اتجه إلى ديلفت ـ مدينة فى جنوب هولندا ـ لإستكمال دراسته للغات الكلاسيكية , ثم درس ما يلزمه للقبول بالجامعة ، في ذلك الوقت اقام في منزل د/ ليلي , وهو شريك في مدرسة تشبه المدارس الثانوية التى تؤهل الطلاب لدخول الجامعات ، وكان لدكتور ليلي شقيق يدعى كورنيلس ليلى ، مسؤول بأحد المشاريع الهولندية لأعمال السدود الصرف واستصلاح الأراضى ، وأثناء تواجده بديلفت تعرف على ( هايك كامرلينج أونس ) أحد علماء الفيزياء الهولنديين ، أمضى حياته العلمية في اكتشاف تقنيات التبريد الشديد والظواهر المتعلقة به ، وأصبح مشرفاً على زيمان فيما بعد .
دراسة زيمان و بداية حياته العملية
بعد تخطى زيمان الاختبارات التأهيلية عام 1885 م , إتجه إلى دراسة الفيزياء بجامعة ليدن تحت إشراف ( كامرلينج )و هندريك لورنتز ، وفى عام 1890 م , و قبل انهاء درسته , إستطاع زيمن أن يصبح مساعدا للورنتز ( شريكه فى جائزة نوبل لإكتشاف وتفسير تاثير زيمان نظريا ، كما قام بعد ذلك باستنتاج معادلات التحويل التي استخدمها ألبرت اينشتاين لوصف المكان والزمان ) ، مما مكنه من المشاركة في برنامج بحوث عن تأثير كير ، وهو ( تأثير المجال المغناطيسى على الضؤ عند إنعكاسه على سطح ممغنط ) .
فى عام 1893 م ، قدم ( زيمن ) رسالة الدكتوراه عن تأثير كير , وإنعكاس الضوء المستقطب من على سطح ممغنط ، بعد حصوله على الدكتوراه , أقام لمدة نصف عام بمعهد ( كولراش ) بستراسبورج عام1895م ، بعد عودته من ستراسبورج ، وأصبح زيمان محاضرا للرياضيات والفيزياء بجامعة ليدن ، وفي نفس العام تزوج من ( جوهانا اليزابيث ليبرت ) (1873-1962) , وأنجبا ولد وثلاثة بنات .
وفى عام 1896 م ، وبعد تقديم رسالته عن تأثير كير بثلاث أعوام , قام بإستخدام أدوات المعمل , متخطيا الأوامر المباشرة من مديره , لقياس انقسام الخطوط الطيفية المتعرضة لمجال مغناطيسى قوى ، وتم رفده بسبب ذلك , ولكنه برر سبب تخطيه أوامر مديره فيما بعد : عندما فاز بجائزة نوبل في الفيزياء لإكتشافه ما يطلق عليه الآن تاثير زيمان .
واستكمالا للبحث الذى بدأه في رسالته , بدأ في دراسة تاثير المجال المغناطيسى على مصدر الضوء ، حيث إكتشف أن الخط الطيفى ينقسم إلى سبعة مكونات عند تعرضه لمجال مغناطيسى ، سمع ( لورنتز ) عن عمل زيمان لأول مرة يوم السبت ,31 أكتوبر ,1896 م ، أثناء اجتماع الجامعة الملكية الهولندية للعلوم والفنون بأمستردام ، عن طريق ( كامرلينج أونس ) ، وفي يوم الإثنين التالى مباشرة , إتصل لورنتز بزيمان في مكتبه وقام بتفسير بعض ملاحظات زيمان , عن طريق نظرية لورنتز للإشعاع الكهرومغناطيسى .
أهمية اكتشاف زيمان ظهرت بعد ذلك بقليل ، لقد أكدت توقعات لورنتز عن إستقطاب الضوء عند تعرض المصدر لمجال مغناطيسى ، وبسبب تجارب زيمان , تم التوصل إلى ان الجزيئات المتذبذبة التى تتسبب في إنبعاث الضوء التى تكلم عنها لورنتز ، هى جزيئات مشحونة سلبيا , مضيئة أكثر الف مرة من ذرة الهيدروجين ، هذا الإستنتاج تم التوصل اليه قبل ان يكتشف تومسون الإلكترون ، تأثير زيمان كان أداة مهمة جدا لتوضيح الهيكل الداخلى للذرة .
بسبب اكتشافه ,عرض على زيمان منصب محاضر بأمستردام عام 1897 م , وعام 1900 تمت ترقيته ليصبح استاذ الفيزياء بجامعة امستردام ، وفى عام 1902 م , فاز بجائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافه تأثير زيمان , مناصفة مع لورنتز .
وفى عام 1908 م , شغل زيمان منصب استاذ ومدير معهد الفيزياء بامستردام ، وفى عام 1923م ، تم انشاء معمل جديد بامستردام , والذى سمُى فيما بعد فى عام 1940 م ، بمعمل زيمان ، مما سهل عليه مواصلة أبحاثه الدقيقة عن تاثير زيمان ، وفي بقية حياته العملية , ظل مهتما بالأبحاث في البصريات والمجالات المغناطيسية ، كما قام أيضا بدراسة انتشار الضوء في الاوساط المتحركة ، هذا الموضوع أصبح موضع اهتمام للورنتز وألبرت أينشتاين لإتصاله بالنسبية الخاصة .
اخر اعوامه ووفاته
فى عام 1898 م , تم اختيار زيمان عضوا بالجامعة الملكية الهولندية للعلوم والفنون بامستردام , وعمل كأمينا لها منذ عام 1912 حتى عام 1920م ، كما فاز بوسام هنري درابر عام 1921، والعديد من الجوائز الاخرى والدرجات الفخرية .
حصل زيمان على العديد من الجوائز والأوسمة بسبب إسهاماته حيث فاز بالجوائز التالية ( جائزة نوبل في الفيزياء 1902 م ، وسام هنرى درابر من الجامعة القومية للعلوم (1921 م ) ، وسام ماتوتشى (1912 ) ، وسام رمفورد ( 1922 ) ، وسام فرانكلين ( 1925) .
توفى زيمان يوم 9 أكتوبر1943 م ، في أمستردام , وتم دفنه بهارلم .
التطبيقات العملية لتأثير زيمان :
التصوير بالرنين المغناطيسي : وهى وسيلة تصوير طبي لتوضيح التغييرات الباثولوجية في الأنسجة الحية وللرنين المغناطيسي أستخدمات غير طبية ومن الناحية الفيزيائية فهي تعتمد على ما يسمى بالطنين المغناطيسي النووي RMN. يعتبر التصوير بالرنين المغناطيسي من الفحوص المكلفة وغير متوفرة بشكل دائم في كثير من المستشفيات, وهناك صعوبات عند عمل هذا النوع من الأشعة عند المرضى الذين يخافون من الأماكن المغلقة أو المرضى الذين يشتكون من سمنة مفرطة.
ـ الأطياف الإمتصاصيةللعناصر : ينشأ طيف الامتصاص (Absorption spectrum) لعنصر عندما يمر شعاع ضوءأبيض خلال ذلك العنصر أو بخار العنصر فينتج طيف به خطوط سوداء عند ترددات محددة ومميزة للعنصر . وطيف الامتصاص هو عكس طيف الإصدار الذري . ينشأ الطيف عموما عندما تثار ذرات عنصر بفعل الحرارة مثلا ، مما يجعل إلكترونات الذرة تترك مداراتها المنخفضة ذات المستوي المنخفض وتنتقل إلى مستوي طاقة أعلى . لكن الإلكترون لا يسيتطيع أن يبقى طويلا في هذه الحالة المثارة ، فسرعان ما يقفز من المدار العالي الطاقة إلى مدار منخفض الطاقة ويصحب ذلك أن الإلكترون يصدر فارق طاقتي المدارالعالي والمدار المنخفض على هيئة شعاع ضوء ذي تردد محدد (فوتون). وبحسب قفزة الإلكترون من المدار الرابع مثلا إلى المدار الثاني في الذرة ، أو من المدار الثالث إلى المدار الثاني فكل قفزة من تلك القفزات تتميز بشعاع ضوء ذي تردد محدد. وتشكل مجموع تلك الإشعاعات والتي تظهر في الطيف على هيئة خطوط ، وهي تعتبر بصمة مميزة يمكن بها معرفة العنصر المصدر لها ، إذ أن لكل عنصر طيفه المميز وبالتالى بصمته المميزة . وفي حالة طيف الامتصاص فعندما ندع شعاع ضوء أبيض يتخلل بخار عنصر ، يحدث أن ذرات العنصر تمتص بصفة مميزة تلك الترددات المميزة لها ، ويظهر الطيف الناتج فاقدا لخطوط تلك الترددات ، فتبدوا كخطوط سوداء . ومن هذه يمكننا التعرف على العنصر المتسبب في هذا الامتصاص.
ويستخدم طيف الامتصاص في قياس الغازات الضارة بالبيئة الموجودة في الجو ، إذ يمكن به معرفة كل غاز من بين الغازات المختلطة بالهواء. كما يستعمل كثيرا في القياسات الفلكية للمجرات وتحليل الغبار الكوني وما يحويه من كربون وسيليكون وحديد وغيرها . كما باستطاعته تعيين أنواع الغازات و الجزيئات بل أيضا كثافة كل منها .