الأربعاء, 11 تموز/يوليو 2012 11:11

محمود باشا سامى البارودى

محمود سامى البارودى اللواء محمود سامي بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري ، شاعر مصري لقب برب السيف والقلم ، وزير، ورئيس وزراء ، رائد مدرسة البعث والإحياء في الشعر العربي الحديث ، وهو أحد زعماء الثورة العرابية ، تولى وزارة الحربية ثم رئاسة الوزراء باختيار الثوار له ، سمي بالبارودي نسبة إلى إيتاي البارود التي كانت لأحد أجداده الأمير مراد البارودي .

ولد البارودى  في 24 رجب 1255 هـ / 3 أكتوبر 1839 م في دمنهور البحيره لأبوين من أصل شركسي من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي) . وكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ويجمع الضرائب من أهلها . يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً.

نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان ، فأبوه حسن بك حسني ابن عبد الله بك الجركسي، من رماة المدفعية، ثم صار مديراً لدنقلة وبربر في عهد محمد علي ، ومات هناك وكان محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره.

تلقى البارودي دروسه الأولى على يد أساتذة في منزله فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف، ودرس شيئا من الفقه والتاريخ والحساب، حتى أتم دراسته الابتدائية عام 1267 هـ / 1851 حيث في هذة المرحلة لم يكن سوى مدرسة واحدة لتدريس الرحلة الابتدائية وهى مدرسة المبتديان وكانت خاصة بالأسر المرموقة وأولاد الأكابر ومع انه كان من اسرة مرموقة فان والدته قد جلبت له المعلمين لتعليمه في البيت. ثم انضم وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية سنة 1268 هـ / 1852م، فالتحق بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة وانتظم فيها يدرس فنون الحرب، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر، بدأ يظهر شغفًا بالشعر العربي وشعرائه الفحول،  وتخرج فيها في عهد سعيد برتبة الملازم ثان عام ١٨٥٤ م . 

عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وسافر إلى الأستانة عام 1857م، وتمكن في أثناء إقامته هناك من إتقان التركية والفارسية ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من أشعارهما، وأعانته إجادته للغة التركية والفارسية على الالتحاق بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية وظل هناك نحو سبع سنوات 1857-1863 أثناء وجود الخديوي إسماعيل بالآستانة عام ١٨٦٣، وأعاده معه نظراً لحميته الوطنية، وطموحه، وعلو نفسه ، عاش في كنف الخديوي إسماعيل فترقى في مناصب الجيش، فرقي عام ١٨٦٣ إلى رتبة البكباشي (مقدم)، وأرسله الخديوي إسماعيل في بعثة علمية عسكرية لحضور المناورات العسكرية السنوية في فرنسا، ثم عرج منها إلى انجلترا للاطلاع على التقدم الحربي في مجال التسليح العسكري وخططه.

رقي إلى رتبة قائمقام (عقيد) بالآلاي الثالث من السواري عام ١٨٦٤، ثم رقي إلى رتبة أميرالاي (عميد) وعهد إليه قيادة الآلاي الرابع من عسكر الحرس الخديوي ، اشترك مع الجيش المصري في حرب كريت ١٨٦٦ – بناء على طلب السلطان العثماني من الخديوي إسماعيل وأنعم عليه السلطان العثماني بالوسام العثماني من الدرجة الرابعة .

بعد عودة البارودي من حرب كريت تم نقله إلى المعية الخديوية ياور خاصًا للخديوي إسماعيل، وقد ظل في هذا المنصب ثمانية أعوام ، ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد "توفيق بن إسماعيل" في (ربيع الآخر 1290 هـ = يونيو 1873م)، ومكث في منصبه سنتين ونصف السنة، عاد بعدها إلى معية الخديوي إسماعيل كاتبًا لسره (سكرتيرًا)، ثم ترك منصبه في القصر وعاد إلى الجيش .

أرسله الخديوي إسماعيل مبعوثاً له إلى الآستانة عام ١٨٧٤، ابان حروب السلطان العثماني ضد الصرب والحرب البلغارية، فقام بدور بارز هناك أظهر فيه حنكه سياسية  ، كان البارودي ضمن قواد الحملة الضخمة التي بعثتها مصر، ونزلت الحملة في "وارنة" أحد ثغور البحر الأسود، وحاربت في أوكرانيا ببسالة وشجاعة، غير أن الهزيمة لحقت بالعثمانيين، وألجأتهم إلى عقد معاهدة "سان استفانوا" في (ربيع الأول 1295 هـ / مارس 1878م)، وعادت الحملة إلى مصر، وكان الإنعام على البارودي برتبة "اللواء" والوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، ونيشان الشرف؛ لِمَا قدمه من ضروب الشجاعة وألوان البطولة ، اشترك أيضا في الحرب بين تركيا وروسيا عام ١٨٧٧ بجانب الدولة العثمانية، ونظراً لشجاعته، أنعم عليه برتبة اللواء وبالوسام المجيدي من الدرجة الثالثة ونيشان الشرف.

محمود سامى البارودى عين مديراً للشرقية عام ١٨٧٩، ثم محافظاً للقاهرة عام ١٨٨٠ م ، تولى مهام منصب ناظر المعارف والأوقاف في وزارة شريف باشا الثانية (٥ يوليه ١٨٧٩-١٨ أغسطس ١٨٧٩)، ثم ناظراً للأوقاف في عهد نظارة محمد توفيق الثانية (١٨ أغسطس ١٨٧٩-٢١ سبتمبر ١٨٧٩)، ثم وزيراً لنفس الوزارة في وزارة رياض الأولى (٢١ سبتمبر ١٨٧٩-١٠ سبتمبر ١٨٨١).

عقب قيام الثورة العرابية في مصر (٩ سبتمبر ١٨٨١) عين ناظراً للجهادية والبحرية في نظارة محمد شريف الثالثة (١٤ سبتمبر ١٨٨١-٢ فبراير ١٨٨٢) خلفاً لعثمان رفقي الجركسي ، تولى رئاسة النظارة إلى جانب نظارة الداخلية في (٤ فبراير ١٨٨٢-١٧ يونيه ١٨٨٢)، وكان أول رئيس وزراء في تاريخ مصر لم يعينه الخديوي بل ينتخبه مجلس النواب، ومن أجل ذلك أطلقت على وزارته اسم "وزارة الثورة" أو الوزارة الوطنية ، في عهد وزارته وقع الخديوي توفيق مرسوماً بصدور الدستور في ٧ فبراير ١٨٨٢، وفي اليوم التالي قدمه إلى مجلس شوري النواب.

لما انتهت الثورة العرابية ودخل الانجليز القاهرة ، قبض عليه وحكم عليه بالإعدام ، ثم استبدل بالنفي  ، بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 ، فقررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في 3 ديسمبر عام 1882 إلى جزيرة سرنديب (سريلانكا) ، غادر مصر في ٢٧ ديسمبر ١٨٨٢، ولما استقر في سيلان أو (سرنديب) علمَّ أهلها اللغة العربية.

ظل في المنفى بمدينة كولومبو أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه. وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.وطوال هذه الفترة قال قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899م ، وعفا عنه الخديوي عباس حلمي الثاني ، وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد أنشودة العودة التي قال في مستهلها:

أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ | فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

من مؤلفاته : ( ديوان البارودي (جزءان) | مختارات البارودي (أربعة أجزاء).

وقد توفي في ديسمبر ١٩٠٤.

{youtube}7ynWtj0SghA{/youtube}

 

 

Read 4036 times