لدى بعض الحيوانات منظمة إجتماعية معينة و تدعى هذه المنظمة بـ ( الطبقة العليا في عالم الحيوان ) و هذه الحيوانات محدودة الذكاء و لكنها قادرة على تشكيل مجتمعات و التأقلم عندما تكون في مجموعات، وهذا ما يسمى بالذكاء الجماعي ، و أقرب مثال لهذا الأمر عالم الحشرات.
وكان الدكتور محمد عبد العزيز فؤاد قد قدم حلقة خاصة من برنامج جذور العلم بعنوان " الفكر عند الحيوان " تتناول بعض المشاهد المدهشة لذكاء بعض الكائنات الحية ، مثل العناكب وقدرتها على بناء شباك الصيد وكيفية حفظ فرائسه ، كما نرى بعض الطيور " طائر الحباك " وقدرتها على بناء الأعشاش لمواجهة ظروف البيئة المختلفة ، وقدرة " الغراب " أذكى الطيور ، وكيف يتصرف فى مواقف مدهشة لا يمكن تخيلها ، والعديد من المشاهد التى تبين قدرة وذكاء الكائنات الحية ، عكس ما يتخيل الكثيرون .
هناك فرق بين " الذكاء " كمفهوم مجرد ، و " السلوك الذكي " و هي ظاهرتان يمكن ملاحظتهما و قياسهما . فالذكاء ليس ذو خاصية حيوية مثل حجم الدماغ ، و لكنه فكرة مجردة مبنية على أحكام تقديرية حول سلوك الكائن . وتحدد نتائج التجارب بطريقة أو بأخرى درجة الذكاء إذا كانت مرتفعة أو منخفضة. إذ رأى المراقب بأن النوع الذي لديه كم كافي من الصفات السلوكية التي تميزها عن غيره بحسب فهمه ، فسيتم تصنيف هذا النوع بأنه ذكي إلى حد ما.
يوصف جزء كبير من مجال الذكاء الحيواني و أنه تحت مسمى ( إدراك الحيوان ) . تدعى أيضا بعلم السلوك الإدراكي ، و هذا المجال يقوم بدراسة القدرات العقلية الحديثة لدى الحيوانات فقط . وتم تطوير المسمى إلى علم النفس المقارن ، المعروف بإسم علم النفس التمايزي ، المتأثرة بقوة من نهج علم سلوك الحيوان و علم البيئة السلوكية و علم النفس التطوري.
من مزايا دراسة الإداراك الحيواني هو محاولة لفهم آثارها على إختيار البيئة والغزو أو التنوع الحيوي ، أمثلة على مظاهر مختلفة من الإدراك : الإستكشاف و الخوف و الإبتكار و التعلم بشكل ذاتي أو جماعي و استخدام الأدوات و التبادل و التحالفات لها تأثير على العلاقات الإجتماعية و أيضا اختيار الغذاء أو الاستجابة على الإضطرابات البيئية التي يتسبب بها البشر.
وفيما يتعلق بالغذاء ، فقد كشفت من بحوث عالم البيئة أليكس كاكلينك بجامعة أكسفورد ،ملحوظة على بعض الطيورالتي بإستطاعتها تذكر الماضي . و وضح أليكس في مقالة بأن الطائر المقلد لديه القدرة على تذكر أماكن الأطعمة التي يخفيها بحيث يعود لأخذها مرة أخرى في وقت معين حتى لا تتعفن . و يقولون علماء النفس الإدراكي الذين يهتمون للبشر بأن هذه قدرة تسمى بالذاكرة العرضية . يختلف الإدراك من نوع إلى آخر ، و تترواح من بسيطة التعلم كاللافقاريات إلى أشكال أكثر تعقيدا مثل : النحل و الأخطبوط و الغربان و القرود و الحيتان المسننة . فعندما تختبر الحيوانات لتحديد قدرتهم على تعلم قاعدة عامة ، يتم الحصول على أفضل النتائج من قبل البشر ، و على حد أقل من قبل أبناء عمومتهم الرئيسيات .
وغالبا ما تستخدم كمثال للذكاء الحيواني في حالة السلوك المناسب أو المعقد للغاية. كبعض السلوكيات الجماعية للحشرات و بناء الطير للعش أو حتى استخدام أو صناعة الأدوات ، تدخل أيضا من ضمن هذا الإطار . من المثير للإعجاب أيضا ، أن هذه الأمثلة ليست بالضرورة أن تدل على السلوك الذكي . و من الممكن أن تكون الظواهر لبرامج متطورة حسية . ما يميز السلوك الذكي ، كما تم تعريفها من قبل البشر ، أنه يجب أن تكون تتناسب ردة فعل الفرد أمام التحديات الجديدة للبقاء على قيد الحياة ، و ربما عن كيفية نقل معلوماته أو معارفه إلى بني جنسه . ومع ذلك، يقول كلايف وين، الذي درس الإدراك للحمام في جامعة فلوريدا، أن هذا التعريف قد يكون غير شامل وغير مؤهل لتمثيل ذكاء الحيوانات (بإستثناء الإنسان) . وقال كلايف بأن الأخصائيين النفسيين للإدارك البشري في بعض الأحيان إذا توقفوا عن استنتاج التعريفات ، ينسون كيف أن الحيوانات إكتشاف مدهش .
بيد أنها تظل تركز دراسة الإدراك الحيواني في جزء منه،على دراسة المسائل التالية : هل من الممكن أن يتكيف هذا الحيوان بأساليبه بناء أعشاش معقدة ، على سبيل المثال ، استخدام مواد جديدة لتعويض غياب المواد المعتادة؟ ، هل يستطيع العثور على مصدر جديد للمواد الغذائية التي يمكن الوصول إليها نسبيا ،عندما تجف المصادر التقليدية؟ هل من الممكن أن تتعلم بسرعة أساليب جديدة لتتجنب الحيوانات المفرسة، أو الرد على الإفتراس بشكل مبتكر ؟
ملاحظات مثيرة للدهشة
قادت الدراسات المختبرية على الطيور والثدييات طرق أخرى لدراسة الإدراك الحيواني. واتضح لعلماء الإدراك على مدى السنوات الماضية ، بأن القدرة على التقليد من بعض الحيوانات هو في الحقيقة دليل على الذكاء . وفي الواقع، يقول لويس هيرمان، عالم النفس الإدراكي، أن الدلافين تثبت قدرتها على تشكيل صورة ذهنية عندما تقوم بالتقليد، على سبيل المثال : تقليد وضعية مدربهم .
درس هيرمان الدلافين في أواخر الستينات . و للتواصل مع الدلافين، طور هيرمان مع فريقه، لغة مشفرة بإستخدام الأذرع و الأيدي من قبل المدربين. فأضافوا مفردات على سبيل المثال: "السلة" أو "الكرة" بعبارات مجردة تشير إلى المعرفة اللغوية الأساسية مثل : 'اليسار'، 'اليمين'، 'إلى الداخل'، إلى آخره .
تتجاوز قدرة الدلافين على الاكتفاء فقط لتلبية مطالب المدربين ، فقد اثبت هيرمان أن هذه الحيوانات بإمكانها أن تبتكر حركات من دون أي تمارين أو مدربين . فمن خلال التجربة ، يتم تمرير هذه الكلمات مثل 'ركوب الأمواج'، 'الزعنفة الظهرية'، ' لمسة ' من قبل هيرمان إلى إحدى الدلافين . وعند الإشارة، تسبح الحيوانات نحو اللوح الخشبي ، و تستدير على الجانب و تقوم بالزعنفة الظهرية - و هذه إجابة على أنهم لم يعلموها أبدا . ونتيجة لهذه الملاحظة ، صمم الباحث وفريقه إشارة لطلب الدلافين بإبتكار أي حركة من إختيارهم .
القدرة على التكيف و العقل المبتكر
يستند واحد من جوانب البحوث الجارية بشأن ذكاء الحيوان يستند إلى تعريف مفهوم " الذكاء " . و من الضروري أيضا معالجة مسألة تقييم نتائج التجارب والمفاهيم التقليدية للذكاء البشري . بالنسبة لكثير من الناس ، لا يشير ذكاء الحيوان إلى قيامه بتوليد الأفكار ، كما هو الحال عند البشر . لذلك فإن المسألة في التفكير هي لتخط العقبات، و ليست لتكون أكثر ( إبداع ) ، كما لوحظ في دلافين هيرمان . و يزعم الباحثون بأن ذكاء الحيوان أفضل من قدرته على التكيف بضغوط جديدة من بيئته . و في هذا الصدد ، تأكيد بأن من الممكن التعرف على التكيف و الإستفادة من التغيرات البيئية من الذكاء فقط .
المشاكل الخاصة
يُدرس الذكاء الحيواني من زوايا مختلفة، بما في ذلك استخدام الأدوات والذاكرة واللغة.استخدم عالم الأحياء ريمي شوفان هذه الفوائد على سبيل المثال في توظيف الأدوات التي تم تطويرها من قبل الحيوانات وفقا لحالات معينة : بناء العش من تخييط الأوراق من قبل بعض الطيور المغردة و بناء السدود عن طريق القنادس والأدوات الفعلية المستخدمة من قبل القرود لصيد النمل الأبيض. و كل هذا يدل على أن غرائز الحيوانات ليست عمياء، ولكن أفكارهم مبنية على تلبية هدف معين . أما بالنسبة للذاكرة ، على عكس ما قد يتصور المرء، فالحيوانات متقدمة فيه جدا . تعيش الحيوانات و تطور ذاتها من خلال عملية التعلم ومعالجة المعلومات لحل المشكلة الناجمة عن البيئة. و هذا ما يسمى بالإدراك . في الواقع، بفضل الإدراك، يستطيع الحيوان التعامل مع الأوضاع الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك ،عندما يرد للحيوان موقف قديم، يعكس ردة فعله القديمة من ذاكرته وبهذه الطريقة سوف يعمل الحيوان وفقا لعملية الاستجابة للتحفيز.
وأخيراً ، مسألة اللغة تستند إلى سوء اختيار المصطلح المستخدم. فهل ينبغي أن نتحدث عن " اللغة " أو "التواصل" عندما يتعلق الأمر بالحيوانات؟ أثبتت التجارب مع القرود والطيور والدلافين ، في قدرتها على تعلم لغة أو شيئا من اللغة ، لكن الجدل لا يزال حول طريقة اكتساب الحيوانات للغة .
التجارب
لمقارنة الذكاء من مختلف الأنواع ، فإنه من الصعب أن نتصور إجراء اختبار غير متحيز بطريقة أو بأخرى. وكان هناك عدد من الاختبارات على قدرة الحيوانات لحل المشكلات ، في البداية لا يمكن الاعتماد على الاختبار . في نفس الاختبار، استخدمت مع نفس الأنواع ، أعطى بعض الأحيان نتائج مختلفة تبعا لنوع الجهاز المستخدم . في بعض الأحيان نفس الاختبار مع نفس الجهاز، يعطي نتائج بشكل مختلف.
ابتكر العلماء العديد من التجارب لمعرفة ما إذا كان بإمكان الحيوانات التحكم في المشاكل التي تتطلب تعلم في قاعدة عامة . يمكن للمرء أن يعلم الحيوانات الإختيار من بين الكثير من الأشياء التي تتطابق مع العينة. القرود سريعة التعلم لحل المشكلات ، ولكن الحمام يحتاج إلى عدة محاولات. وضعت هاري هارلو اختبارا لقياس قدرة الحيوانات على اتباع القواعد وجعل الإستنتاجات صحيحة. وبدلا من اختبار القرود ذات التمييز البصري البسيط، أظهر هارلو لهم سلسلة من الاختبارات لتطبيق نفس القاعدة في كل مرة . إذا تحسن الحيوان من السلسلة ، نقول بأنه كان قد اكتسب مجموعة من سلسلة تعليمية ( مجموعة تعليمية ) . وهكذا، يمكن للمرء إعطاء الحيوان مجموعة من المسائل المتعلقة بالتمييز والتصنيف، وفقا لمعدل تحسنه .
عندما تصنف الحيوانات حسب معدل تحسنها في سلسلة من المشاكل ، عندها يمكننا التنبؤ برتبهم وفقا لمؤشر نمو الدماغ . هذا المؤشر هو تقدير لعدد من الخلايا العصبية في الدماغ بالإضافة إلى تلك المطلوبة من أجل السيطرة على وظائف الجسم . ويبدو من الممكن إنتاج اختبارات ذكاء حيوانية مماثلة لتلك التي تطبق على الذكاء البشري، و التي تميز بين أعضاء أنواع مختلفة .
الجوانب الثقافية للسلوك
التغيير هو نتيجة الانتقاء الطبيعي، و وراثة الخصائص المكتسبة . مهما كان تكيف الحيوان الفردي في بيئته، و أن هذا التكيف تأقلم أو فزيولوجي ،من الممكن أن تنتقل التكيفات المكتسبة إلى الأجيال القادمة بالوسائل الجينية. وهو مفهوم مقبول على نطاق واسع بين علماء الأحياء. ومع ذلك، يمكن أن تنتقل المعلومات من الأم إلى الطفل عن طريق التقليد والتشريب. وبصفة عامة ، تمرير المعلومات من جيل إلى جيل لمسارات غير وراثية يسمى "بالتبادل الثقافي" .
ليس بالضرورة أن يكون التقليد علامة على الذكاء الفائق . يمكن للحيوانات نسخ بعضها البعض ببساطة ذلك بسبب التسهيلات الاجتماعية . تأكل العديد من الحيوانات أكثرعندما يتغذى معها مجموعة بعكس حينما تكون وحيدة . وقد تبين هذا الأمر بالتجربة على كل من الدجاج والأسماك و الكلاب و كما هو الحال لدى حيوان الأوبسم .
اللغة
يشكل الحديث عن "لغة الحيوانات" مشكلة لتعريف مصطلح "اللغة". و غالبا ما يستخدم مصطلح "اللغة" بمعناها الواسع ، بما في ذلك "التواصل" في هذا المعنى، الحيوانات تتواصل بشكل أكثر أو أقل، وبطرق مختلفة، وبعض الحيوانات طريقة تواصلها مدهشة - من دون مساعدة البشر- ، كما هو الحال في النحل التي تمت دراستها من قبل كارل فون فريش، أو الذي يكتسبها من البشر، كما في القرود مثلا . ومع ذلك، ليس هناك فرق بين نقل المعلومات عن طريق الحشرات و ما بين خلايا الكائن الحي. يتعلق الأمر بطريقة الاستجابة للمحفزات و عملية إنتاج جديدة التي يتم ترميزها تماما في الجينات . يعتبر النحل كأحد العناصر الفائقة تنظيميا و تنظيمها متطور كما في منظمات التواصل . ومع ذلك، لا يعترف بإستخدام اللغة ، سوى البشر وبعض الطيور والثدييات الكبيرة.
يوضح العالم اللغوي اميل بنفنيست، بعام 1952 في مقالته ( تواصل الحيوان و لغة الإنسان) الفرق بين الاتصال واللغة ، و مازال الإختلاف اللغوي قائما حتى اليوم . بدأ بالثناء على مؤلفات و جهود العالم فريش على التواصل مع النحل عن طريق "الرقص" الذي يشير إلى موقع حبوب اللقاح وأنه يقوم بهذا لتحديد اللغة. و يعرف اللغوي بأن تواصل النحل عبارة عن 'إشارات مشفرة' التي ' على صورة رمزية معينة ، الذي يتألف من اشارات الحالة الموضوعية": البيانات البصرية والجغرافية (حيث يكون اللقاح). في اللغة البشرية ، العكس تماما ، " الرمز بشكل عام لا يتكون من الخبرة، بمعنى أنه لا توجد علاقة ضرورية بين المرجعية الموضوعية والشكل اللغوي". وهذا يعني أن علامات لغة الإنسان هي تعسفية ولا تبدو مثل ما يشيرون اليه .
إحدى الصعوبات التي تواجه دراسة أي مهارات لغوية لدى الحيوانات تكمن في الحقيقة عندما تحاول تعريف اللغة، وهي غالباً ما تقتصر على تعريف اللغة البشرية، بحكم الواقع ، باستثناء إتقان الحيوانات. علماء البيئة أمثال ايرين بيبربرج أو سوي سافيج رومبو، هم الأكثر دقة و يدعون لوضع التواصل في سلسلة متصلة. و لذلك الإختلافات ستكون بحسب درجات الطبيعة .
تبين للعالمة سو سافاج-رامبوغ ، من خلال تعلم لغة "Yerkish" أن البونوبو ( الشامبانزي القزم ) كانزي قادر على ربط ( مجموعة من الرموز لتمثيل مفهوم في جميع اللغات ) = lexigrammes مع الأشياء أو التصرفات أو الناس. ويمكن أيضا إنشاء منظمة لـ lexigrammes لوضع معنى جديد. و هذه المخلوقات الأصلية هي خارج نطاق التعلم.
وفقا للويس ليفبر، أستاذ علم الأحياء في جامعة ماكجيل، قال بأن من الممكن التحقق من قدرة أن بعض الأنواع في تعلم "الجمل" التي تأتي بشكل رموز متسلسلة . أليكس، ببغاء رمادي من الغابون، بينت مربيته إيرين بابربرج أن بإمكانه أن يصف الكائنات والتعرف عليها و التفريق بينهم ، بل أنه بإستطاعته قول جمل قصيرة كـ "يعطي أليكس تفاحة لإيرين"، أو العكس.
القدرة على تجميع كائنات في نفس الدرجة، افتراضا، بالإضافة إلى تطوير علاقة التشابه أو الاختلاف بين الخصائص الفيزيائية للمحفزات، و استخدام فئة ديسكريمينابل لتمثيل نفسها عن فئة أخرى.
و قد أجريت دراسات مذهلة على حمامة من قبل ريتشارد هييرنستاين وزملاؤه لإثبات هذه القدرة . تم تدريب الحمام للتمييز، على مجموعة تتكون من ثمانين شريحة، والتي تشمل تلك الموجودة على الأشجار - النصف -و تلك التي لا توجد فيها أشجار - النصف الآخر. يتم عرض شريحة واحدة في كل مرة. يتلقى الحمام حافزا إيجابيا، في الحالة الغذائية، فعندما يعطي استجابة بالنقر على منقاره على مفتاح تحت الشريحة الظاهرة على الشجرة؛ حينما يرد بهذه الطريقة على الشريحة فهذا يعني بانها ليست شجرة، لا يحدث أي شيء. بعد عدد كبير من التدريبات، تميز معظم الحمام بشكل صحيح في مجموعتين فرعيتين من الكائنات، و هذا يعني ، أنهم بالكاد ينقرون المفتاح فقط عندما تظهر أشجار لهم. بالنسبة للباحثين، فإن الحمام قادرة على معرفة مفهوم شجرة طالما أنها تستطيع التعميم على عينات أخرى من الأشجار التي لم يسبق و أن تدربت عليها .
لا تقتصر هذه القدرات التميزية في الحمام إلى الأشياء مثل : الأشجار وأيضا الأشياء الواضح أهميتها للطيور. وقد أظهرت دراسات أخرى أن هذا الطائر هو أيضا قادرا على التعرف على المشاهد المائية حيث توجد الأسماك . وتشير أيضا دراسات أخرى أن هذا الحيوان قد ينظر في أبعاد أكثر تجريدا في عملية التصنيف. أظهر فاقوت و تومبسون بأن بإستطاعتهم مثلا دمج أزواج من الكائنات من نفس التصنيف و التي تمثل العلاقات المجردة للفروقات و الهوية .
الذاكرة
تتوفر البيانات، التي تم جمعها باستخدام بروتوكولات تجريبية مماثلة وذات صلة بقوائم الذاكرة المتاحة لكل من الحمام والقردة. وتسمح هذه الأعمال بإجراء مقارنات بين نوعين وكذلك مقارنة أداء الحيوانات مع البشر .
و تم تطبيق أسلوب التعلم التسلسلي بالقرد الكبوشي عن طريق داماتوا و كولومبو . إكتساب القرود أسرع بكثير من الحمام و ذلك في قائمة من خمسة عناصر مكونة من أشكال ملونة أو غير ملونة . ووفقا لتراس، بأن تطور القرد هو تمثيل خطي من القائمة التي تقتضي منه أن يبدأ من بداية الأمر هنا و نقله حتى يتم تحديد موقع واحد من العناصر التي تظهر في مجموعة فرعية معينة. ومن ناحية أخرى ، تعتمد الحمامة على بروز البند الأول والأخير في القائمة ، لتحقيق تسلسلها. وتوضح جميع هذه النتائج ان الطيور والحيوان الرئيسي ينفذون استراتيجيات معرفية ، وان كانت مختلفة ، و تنطوي على استخدام البيانات في قوائم المواد التعليمية.
الباحث تيتسورو ماتسوزاوا، الياباني المتخصص في علم القردة العليا، قد درس قدرات شامبانزي يدعى ايومو، بتكرار سلسلة من الأرقام بعد عدم رؤيتهم لجزء من الثانية. بعد ذلك أخضع مجموعة من الطلاب لنفس الاختبار ، بعد سته أشهر من التدريب ، كان الطلاب أبطأ من القرد . و لاحظ ماتسوزاوا بتمكن ايمي من تكرار التسلسل بنجاح بنسبة 80٪ من الحالات، في حين أن الطلاب قد فشلوا بنسبة 40٪ من الحالات. و أظهر جول فاغوت وروبرت كوك أن الحمام و قردة البابون بإمكانهم تخزين آلاف الصور والاستجابات المرتبطة بها، والحفاظ على أثر الذاكرة من هذا التعلم لمدة تقدر بسنة واحدة .
الذاكرة العرضية، التي يعتقد بأنها حكرا على البشر، هي القدرة على تذكر الأشياء في مكان معين وفي وقت محدد . و خير مثال لهذا الأمر طائر geai الذي من عادته القيام بإخفاء طعامه . نيكولاس كلايتون من جامعة كامبردج وفريقه يريدون محاكاة هذه الظاهرة في المختبر. و وضع الباحثون طائر geai في قفص بثلاث مقصورات متصلة مع بعضها البعض، ولكن المقصورة اليمنى فقط تحتوي على المواد الغذائية. فجمع الباحثين الطيور في واحدة من المقصورات ، والتي تحتوي على يوم غذاء و اليوم التالي بلا غذاء، لمدة ساعتين في خمسة أيام . ففي اليوم السادس، نقلت الطيور الغذاء في المقصورة التي لا تحتوي على شيء . استنتج الباحث بأن الطيور لديها القدرة علي التخطيط باستخدام ذاكرتها في الماضي والحاضر والمستقبل .
ديمومة الكائنات
تتعلق نظريات جان بياجيه على تنمية الذكاء لدى الأطفال و قد ألهمت عددا من الأنشطة في علم النفس مقارنة بالإدراك. وفقا لعلم النفس - كما في علم الأحياء، منطقيا وبنظرية معرفية - الاكتساب بشكل دائم للكائنات مهم جدا لتطوير الفكر. من خلال تطوير هذا الديمومة ، يمكن للطفل وضع الكائنات ككيانات ثابتة و دائمة. هذا التطور ما بين الولادة وفي عمر العامين من خلال سلسلة من ست مراحل. وتوفر السلسة دعم لعمليات التطور المتعددة خلال مرحلة الطفولة، كما أنها ضرورية لتنظيم المكان والزمان والسببية.
يتبين ديمومة الكائن في المرحلة الثالثة للطفل، في سن ستة أشهر. في المراحل التالية، يراقب الطفل التحركات الواضحة للشيء من خلال "الشاشات" - المناشف، على سبيل المثال، أو أي شيء يمكن أن يستخدم للإختفاء - وقادرة على إعادة الحركات الخفية المجربة في الواقع . العديد من أنواع الحيوانات ، مثل الهامستر والدجاج والقطط والقردة ، خضعت لإختبارات استدامة الكائن. وتختلف نتائج هذه الاختبارات وفقا للأنواع المعنية ، ولا تظهر سوى الأنواع البدائية المرتبة بالمراحل المقابلة لتلك التي لوحظت لدى الأطفال. ومع ذلك ، توقفت بعض الأنواع في المرحلة 4. وهذا هو الحال بالنسبة للقردالسنجاب لذي قد تم دراسته من قبل فوتير و زملائه . درس وود و زملائه حيوان الشامبانزي الذي تجاوز جميع المراحل حتى توصل إلى المرحلة السادسة بشكل أكثر سرعة من الطفل . وليس من المستغرب ان يتعلم الرئيسيات الغير بشرية ، الذين يتنقلون بشكل مستقل في الحيز المكاني قبل كثير من الأطفال الصغار ، يتعلمون بسرعة أكبر من العلاقات الموضوعية والمكانية بين الكائنات . ولذلك يمكن لإختبار ديمومة الكائن أن يملأ دورا مختلفا في البناء المعرفي للإنسان والرئيسيات .
استخدام الأدوات و مستوى الإبتكار
يعتبر القدرة على استخدام الأدوات منذ فترة طويلة جانبا من جوانب الذكاء. وهذه القدرة تتطور في الفرد على الأرجح من خلال مزيج من التعلم الذاتي والتقليد. وفي هذا الصدد، فإنه من الصعب الفصل بين استخدام الأدوات التي تطور الرئيسيات و التنقيب عند العصفور . اعترف بعض علماء الأحياء ، بأن استخدام الأدوات ليست في حد ذاته علامة الذكاء، ويقولون بأنه فقط يمهد السبيل لسلوك ذكي ، والتي تنطوي على الإبتكار. ويتعلق استخدام الأداة الأكثر إنجازا المبلغ عنها حتى الآن بكسر جوز الهند من قبل الشمبانزي ، الذي لاحظه سوجيياما والقيروان في غينيا ، دوايت في غابة تاي في كوت ديفوار.
يعتبر الجوز الأكثر تكسيرا في كثير من الأحيان من قبل الشمبانزي، لديها قشرة صلبة، ويتطلب هذا النشاط شروط محددة: وجود "سندان" - سلالة أو حجر مسطح - يتم وضع الجوز و" مطرقة "- قطعة من الخشب أو الحجر الكبير - والتي هي بمثابة أداة تكسير. أجبرت مقاومة الجوز الشمبانزي باختيار أفضل "المطارق" ونقلهم إلى سفح أشجار الجوز. وتشير دراسة التنظيم المكاني للنقل "المطارق" بحسب الزوجين بوش بأن الشمبانزي بإمكانه أن يتذكر أماكن الأدوات الممكنة. وعلاوة على ذلك، اختيار الشامبانزي بإلتقاء حجارتهم بحيث الطريق بين الأداة المختارة وشجرة يتضمن الحد الأدنى من السفر. الإستراتيجية التي اعتمدها الشمبانزي هو أولا تحديد شجرة الجوز ، ثم اختيار الحجر اعتمادا على المسافة. بالنسبة للباحثين ، فان هذه السلوكيات تنطوي على تمثيل مكاني متطور يسمح لشمبانزي بقياس المسافات ومقارنتها . مثال آخر مدهش وهو أن الشمبانزي والغربان في كاليدونيا الجديدة لديها القدرة علي استخدام الأغصان الملائمة و المناسبة لإحداث شق في الحفرة للعثور علي الحشرات لتغذية نفسها . وقد تكررت هذه الملاحظات مرات عديدة في الحياة البرية . ومع ذلك ، يلاحظ الباحثون في بعض الأحيان أحداثا غير عادية تتعلق بالإبتكار. فعلى سبيل المثال ، شوهد غراب من إسرائيل و هو يستخدم قطعة من الخبز لتتركها تطفو علي سطح الماء لجذب الأسماك. ذهب الغراب حتى إلى أماكن أكثر سهولة في محاولة لجذبهم .
وأخيرا، فإن اختبار فخ الأنبوب هو الطريقة المستخدمة لمعرفة ما إذا كان الحيوان يفهم العلاقة ما بين السبب والتأثير عند استخدام الأداة. ولاحظت الدكتورة اليزابيتا بأن سعادين الكبوشي يستخدمون نوع من العصا تم تزويدهم بها لأزالة الأنبوب من الطعام الذي سبق ان وضعته هناك. من خلال دفعهم للطعام بإستخدام العصا ، سقط الطعام علي الجانب الآخر ، حيث لم يمكن الوصول اليها ، في حين أن السعادين حاولت سحب الطعام تجاههم ، و استطاعوا الحصول عليه. كان الكبوشي لم يكن قادرا على فهم هذه المشكلة بطريقة تقنع الباحثين بشكل كافي.
الأسباب
لاحظ سو سافاج-رامبوغ بمساعدة قرد البابون كانزي ، بأن القرود قادرة على الكذب. للقيام بذلك ، قدم مفتاحا لـ كانزي . ذهب هذا الأخير ( القرد) إلى إخفاء مفتاح سو. وفي وقت لاحق ، طلب الباحث من القرد إعطاءه المفتاح ، ولكن تظاهر القرد بأنه ضاع ، وبدا كلاهما يبحث عنها ، دون نتيجة. بمجرد أنه اختلى بنفسه، ذهب القرد للحصول على المفتاح واستخدامها للخروج من قفصه. وثمة حاله أخرى، ابلغ عنها تتعلق بالكذب وهي الغوريلا الانثوية كوكو. تتحدث الغوريلا لغة الإشارة ، وقالت بأن مدربتها دمرت البالوعة. و عندما سئلت عن سبب قيامها بهذا الفعل ، أجابت كوكو بجبينها بأن : "كيت بالوعة الشر ".
التعبير عن المشاعر
سارة ، شامبانزي شابة تعلمت لغة الصم و البكم ، تشرح لحارسها بأنها تشعر بالملل لأن رفيقها قد توفي . ووفقا لإتيان فان شين ، الباحث و المشارك في تأليف علم البيئة السلوكية ، أن هذه القصة تبين ان القردة من الممكن أن تدرك الفراغ و تشعر القلق.
الإدراك الذاتي
هناك تيار حديث للبحوث في علم النفس الحيواني ، الذي بدأ في 1978 بواسطة ماك ووودروف ، وهو النظر في مسألة صلاحيات المعرفة والأفكار في الماشية وخاصة في الرئيسيات. ومن هذا المنظور ، يحاول الباحث تحديد ما إذا كان الشمبانزي ، علي سبيل المثال ، يعتقد أن أقرانهم لديهم نوايا. ويتم تناول هذا النوع من الأسئلة في سياق نظرية العقل (نظرية العقل).
ثمة سببان للحديث عن "النظرية". أولا هو ان الحالات العقلية ليست ظاهرة يمكن ملاحظتها مباشرة و بالتالي الإستدلال عليها. بالإضافة إلى ذلك ، فان وجود نظم الإستدلال يسمح لكل من يملكها لجعل التنبؤات عن سلوك الافراد الآخرين.
موضوع إسناد المعرفة في المقام الأول هو معرفة الفرد بإمكانية تطوير نفسه. وثمة طريقة لتقييم هذه المعارف تتعلق مثلا بردود الفعل التي يظهرها هذا الفرد عندما يكون أمام المرآة.
واحدة من الإختبارات الأكثر استخداما للتحقق من ذكاء الحيوان هو اختبار المرآة، والذي يتضمن على وضع اختبار للحيوان بمفرده أمام المرآة لمعرفة ما اذا كان "يدرك" ، و إذا كان على وعي من نفسه . للقيام بذلك ، يتم وضع علامة من الطلاء على الحيوان في مكان ما بحيث لا يمكنه ملاحظته، علي سبيل المثال علي الجبهة الشمبانزي. بعد ذلك ، يدرس المراقب سلوك الحيوان: ما إذا كان يهاجم إنعكاسه أو يهرب منه، وهذه علامة على أن الحيوان لا يفهم بأنه هو من كان أمام المرآة وليس حيوانا آخر. من ناحية أخرى، إذا كان يحاول معرفة ما وراء المرآة ، و إذا قام بلمس العلامة التجارية للطلاء بإلحاح ، و إذا فتش أجزاء مختلفة من جسده التي لا يستطيع رؤيتها من نفسه ، فهذه علامة على أنه يفهم بأنه يرى نفسه في المرآة، وهذا يثبت بأنه يدرك نفسه . حتى الآن، القردة العليا و الدلفين و الحوت القاتل و العقعق الاوروبي و الفيلة و الخنازير اجتازوا اختبار المرآة. وكانت الاختبارات الأولية التي أجريت مع القردة الكبيرة لم تكن قاطعة لأن الباحثين قد وضعوا كاميرا أمام الحيوان. تكره القردة أن تنظر في العينين. لذلك نظروا بعيدا عن الشاشة. إذا وضعت الكاميرا جانبا ، بإمكان القردة الكبيرة التعرف عليها بسهولة.
وينظر إلى ظواهر التعاون أو المشاركة أو المساعدة في بعض الأنواع والافراد (داخل الأنواع وأحيانا مع أنواع أخرى). هناك من طيور البطريق الشابة كانوا بعيدين عن مجموعتهم و سرعان ما وجدوا نفسهم على استقامة خط الأزواج فقط.