ولد يوهانس ديريك فى 23 نوفمبر عام 1837 فى لايدن بهولندا ، وهو ابن ياكوبس فان دير فالس وإليزابيث فان ديربورج ، بعد أن أنهى التعليم الأساسى فى مسقط رأسه أصبح مدرساً ، وعلى الرغم من عدم درايته باللغات الكلاسيكية التى تؤهله للإمتحانات الأكاديمية ، إلا انه استمر فى الدراسة بجامعة لايدن فى أوقات فراغة خلال الفترة من عام 1862 الى 1866 م ، وحصل على شهادة تؤهله لأن يصبح مدرساً للفيزياء والرياضيات .
تم تعيينه عام 1864 كمدرس ثانوى فى مدرسة ديفينتر ، وفى عام 1866 انتقل الى لاهاى ، فى البداية كمدرس ثم كمدير لإحدى المدارس الثانوية فى المدينة ، الى أن صدر تشريع جديد يعفى طلاب العلوم بالجامعات من الشرط الخاص بتعلم اللغات الكلاسيكية ، مما مكنه من دخول إمتحانات الجامعة وحصل أخيراً فى عام 1873 على درجة الدكتوراه عن أطروحة بعنوان ( عن إستمرارية حالة السوائل والغازات On the continuity of the gas and liquid state ) ، والتى وضعته مرة واحدة فى مرتبة الفيزيائيين المعترف بهم .
وضع ديرفالس فى هذه الرسالة ( معادلة الحالة Equation of State ) وضمن بها حالات السوائل والغازات ، وأثبت فيها أن هاتين الحالتين ( السائلة والغازية ) لا يمكن فقط الوصول إليهم تحت ظروف معينة بل هما فى الواقع حالة واحدة لنفس المادة .
عند وضع قانون جديد للتعليم العالى بإنشاء جامعة أمستردام ، تم تعيين ديرفالس كأول أستاذ فيزياء بها ، مع كل من ياكوبس فانت هوف وهوجو دى فريس كعلماء وراثة ، مما ساهم فى شهرة الجامعة ، وظل مخلصاً لها حتى تقاعده ، على الرغم من الدعوات المغرية للعمل فى أماكن أخرى .
كان السبب المباشر لإهتمام ديرفالس بموضوع أطروحته للدكتوراه هو مقالة لكلاوزيوس تناول فيها الحرارة كظاهرة حركية ، مما جعله يبحث عن تفسير لتجربة أندروز عام 1869 والتى تشير الى ما يسمى بدرجة الحرارة الحرجة فى الغازات ، وكانت لفتة عبقرية تلك التى قادت فان ديرفالس ليرى أهمية أن يضع فى إعتباره حجم الجزيئات والقوى التى تربط بينها (intermolecular forces ) والتى يطلق عليها حالياً قوى ديرفالس ، والتى تؤسس للعلاقة بين ضغط وحجم ودرجة حرارة السوائل والغازات .
في عام 1873 صاغ فان دير فالس أول معادلات الحالة حيث افترض حجما معينا تشغله جزيئات. واستطاع صياغة معادلة فان دير فالس للحالة.
ويمكن كتابة المعادلة كالآتي :
حيث :
- Vm - الحجم المولي وهو حجم 1 مول من الغاز تحت الظروف القياسية للضغط (1 ضغط جوي) ودرجة الحرارة (25 درجة مئوية) .
- T - حرارة
- p - ضغط
- R - ثابت الغازات العام
- a - معامل تعديل الضغط بسبب الجاذب بين الجزيئات ،
- b - معامل تعديل الحجم حيث الجزيئات لها حجم وليست نقطية.
وكان ثانى أهم إكتشاف قدمه بعد عمل شاق ومضنى قد نشره عام 1880 ، وسمى بقانون الحالات المتطابقة (Corresponding States ) وفيها أنه إذا تم اعتبار الضغط قيمة بسيطة فى الضغط الحرج ، والكمية جزء من الكمية الحرجة ، ودرجة الحرارة كجزء من درجة الحرارة الحرجة ، فإن الشكل العام لمعادلة الحالة يمكن الحصول عليه وتطبيقه على كل المواد ، حيث الثوابت الثلاث للمعادلة ( الحجم والضغط ودرجة الحرارة ) والتى يمكن أن تتضح فى الكتلة الحرجة لأى مادة معينة ، سوف تختفى ، وكان هذا القانون بمثابة المرشد خلال التجارب التى أدت فى النهاية لإسالة الهيدروجين على يد جى ديوار عام 1898 واسالة الهليوم على يد كامرلينج أونيس عام 1908 م والذى حاز بسببها عام 1913 على جائزة نوبل عن دراساته عن درجات الحرارة المنخفضة وإنتاجه للهليوم السائل ، وقد كتب كامرلينج عام 1910 أن دراسات فان ديرفالس كانت بمثابة العصا السحرية لإجراء تجاربه ، وأن مختبرات التبريد العالى فى جامعة لايدن تم تطويرها تأثراً بنظرياته .
وبعد عشر سنوات فى عام 1890 قدم أطروحته الأولى لنظرية الحلول الثنائية (Binary Solutions ) عن طريق ربط معادلة الحالة مع القانون الثانى للديناميكا الحرارية فى النموذج الذى قدمه جيبز فى أطروحته عن توازن المواد غير المتجانسة ( لا يمكن أن تنتقل كمية من الحرارة من جسم بارد إلى جسم ساخن ، إلا ببذل شغل من الخارج ) ، واستطاع ديرفالس من الوصول الى رسم بيانى لصيغته الرياضية ، على شكل سطح سماه ( سطح PSI ) تكريماً لجيبس ، الذى اختار الحروف اللاتينية الثلاث PSI ، كرمز للطاقة الحرة ، التى رآها محققة للتوازن ، نظرية المزج الثنائى (binary mixtures ) أعطت سلسلة متنوعة من التجارب ، تم أولها بواسطة كوينين ( J. P. Kuenen ) الذى تمكن من التنبؤ بخصائص الحالات الحرجة عن طريق النظرية ، وقد تم تجميع المحاضرات المتعلقة بهذا الموضوع ونشرت فى كتاب بعنوان ( كتاب الديناميكا الحرارية Textbook of thermodynamics ) نشره ديرفالس مع الدكتورة كونستام (Ph. Kohnstamm ) .
كما قام فان دير فالس بوضع نظرية الديناميكا الحرارية للخاصية الشعرية ( خاصية فيزيائية يتم بواسطتها انتقال السائل من الأسفل إلى الأعلى، كانتقال الماء من أسفل الشجرة (الجذور) إلى أعلاها ( الأوراق )، أو كارتفاع السائل عن طريق ( أنبوب ) من الأسفل إلى الأعلى ( دون التأثير عليه بقوة خارجية ) عند وضعه في إناء ) وقد ظهرت هذه النظرية فى صيغتها الأساسية عام 1893 ، والتى قبل فيها بالوجود التدريجى الذى يغير كثافة الطبقة الحدودية بين السائل والبخار رغم سرعته ، وقد اختلفت وجهة نظره عن جيبز Josiah Willard Gibbs عالم الفيزياء الأمريكى الذى قال بوجود إنتقال مفاجئ فى الإنتقال من الحالة السائلة الى بخار ، وذلك على النقيض من ( بيير لابلاس ) الرياضى والفلكى الفرنسى ، والذى وضع نظرية مبكره عن هذه الظاهرة ، وتلخصت وجهة نظر دير فالس فى أن الجزيئات فى حالة حركة سريعة ودائمة ، وقد أثبتت التجارب المتعلقة بالظاهرة والقريبة من درجة الحرارة الحرجة صحة مفاهيم فان دير فالس .
حصل فان دير فالس على العديد من الجوائز والأوسمة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة كامبريدج ، العضوية الشرفيه فى جمعية الطبيعة الإمبراطورية فى موسكو ، والأكاديمية الملكية فى أيرلند ا ، وجمعية الفلسفة الأمريكية ، عضو مراسل فى المعهد الفرنسى والأكاديمية الملكية للعلوم ببرلين ، عضو منتسب فى الأكاديمية الملكية للعلوم فى بلجيكا ، وعضو أجنبى فى الجمعية الكيميائية بلندن ، والأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة ، وأكاديمية دى لينسى بروما .
الحياة الشخصية :
تزوج دير فالس فى عام 1864 من ( آنا ماخدالينا سميت) لكنها توفيت مبكراً ولم يتزوج بعدها ، بعد ان تركت له ثلاثة بنات وإبن ، اهتمت ابنته ( آنا مادلين ) بأبيها وأدارت البيت بعد وفاة والدتها ، والإبنة الثانية هى ( جاكلين إليزابيث ) أصبحت مدرسة تاريخ وشاعرة مشهورة ، والإبن ( يوحنا ديدريك ) أصبح أستاذاً للفيزياء فى جامعة جرونينجن (Groningen University )فى الفترة من 1903 ـ 1908 م ، وكما كان والده أصبح أيضاً رئيساً لجامعة أمستردام .
كانت هواية دير فالس الرئيسية هى المشى لا سيما فى الريف بالإضافة الى القراءة ، وقد توفى فى 8 مارس 1923 فى أمستردام ، عن عمر ناهز 86 عاماً .
ــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : الموقع الرسمى لجائزة نوبل