ولد جابرييل ليبمان لأسرة فرنسية تنتمى أصولها الى لوكسمبورج فى 16 أغسطس 1845 م ، انتقلت الأسرة الى باريس وبدأ بتلقى تعليمه الأساسى فى المنزل ، وفى عام 1858 دخل مدرسة نابليون الثانوية ، وبعد عشر سنوات تم قبوله فى مدرسة المعلمين ، لكنه لم ينجح فى عمله هذا نجاحاً ملحوظاً ، لأنه كان يركز فقط على العمل الذى يستمتع به ويهمل ما لا يروق له ، مما أدى الى فشله فى الإختبار الذى يؤهله ليكون مدرساً .
فى عام 1873 قام بزيارة ألمانيا كعضو فى لجنة حكومية علمية لدراسة طرق تدريس العلوم ، فعمل مع بعض الأساتذة فى هايدلبرج وبرلين لدراسة هذه الطرق العلمية .
التحق ليبمان بكلية العلوم فى باريس عام 1878 ، ليصبح فى عام 1883 أستاذاً بها للتحليل الفيزيائى (Mathematical Physics ) ، وبعد ثلاث سنوات أصبح أستاذاً للفيزياء التجريبية ، وتم تعيينه مديراً لمختبرات الأبحاث التى انتقلت فى وقت لاحق الى السوربون ، وظل فى هذا الموقع الوظيفى حتى وفاته .
في عام 1886 تحول إهتمام ليبمان إلى وسيلة لتصحيح ألوان الطيف الشمسي على لوحة التصوير الفوتوغرافي ، في 2 فبراير 1891، أعلن لأكاديمية العلوم : لقد نجحت في الحصول على صورة من الطيف مع ألوانه على لوحة التصوير بحيث لا تزال الصورة ثابتة ويمكن أن تبقى في وضح النهار دون أن تبهت .
وبحلول أبريل من عام 1892 ، نجح ليبمان فى الحصول على صورة ملونة لنافذة من الزجاج الملون ، ومجموعة من الأعلام وإناء به برتقال وببغاء متعدد الألوان ، وقد قدم نظريته عن الصور الملونة بإستخدام طريقة التداخل فى ورقتين الى الأكاديمية ، الورقة الأولى كانت فى عام 1894 والثانية كانت فى عام 1906 .
إستطاع ليبمان استخدام هذه الظاهرة من خلال عرض صورة على لوحة فوتوغرافية خاصة قادرة على تسجيل تفاصيل أصغر من موجات الضوء المرئي ، مر الضوء من خلال قطعة زجاج ، الى طبقة رقيقة وحساسة جداً تحتوى على حبيبات متناهية الصغر من هاليدات الفضة ، وبإستخدام مرآة مؤقتة من سائل الزئبق متصلة بها ، تمكن من عكس الضوء مرة أخرى عبر الطبقة الحساسة ، مما خلق موجة دائمة لقمتها تأثير قليل بينما قاعها يكون الصورة الكامنة ، واكتمل العمل بعد مجموعة كبيرة من التجارب أدت للحصول على الصورة الملونة والى حصوله على جائزة نوبل على هذه الطريقة .
قدم ليبمان العديد من الإسهامات القيمة الى مختلف فروع الفيزياء ، لا سيما الكهربية والديناميكا الحرارية ، والبصريات ، والكيمياء الضوئية ، كما قام فى هايدلبرج بدراسة العلاقة بين الظاهرة الكهربية والشعرية ، وهذا ما قاده الى تطوير جهاز الألكتروميتر ( 2 ) فائق الحساسية الشعرية .
فى عام 1895 طور ليبمان طرقاً لإزالة المعادلة الشخصية ( 3 ) فى قياسات الوقت ، باستخدام التسجيل الفوتوغرافى ، وقام بدراسة القضاء على عدم إنتظام بندول الساعة ، بإستنباط طريقة للمقارنة بين أوقات التأرجح ، بين بندولين فى فترات زمنية متقاربة .
كما ساهم فى علم الفلك باختراع جهاز الكويلستات ( 4 )( coelostat ) وعن طريقه يمكن تجميد صورة النجوم والنجوم المحيطة بها حتى يتمكن من أخذ صورة لها ، كما قام أيضاً بإختراع وتطوير العديد من الأدوات المعيارية فى فروع الفيزياء المختلفة .
كان ليبمان عضواً فى أكاديمية العلوم منذ عام 1886 وعمل كرئيس لها عام 1912 ، وكان عضواً فى مجلس إدارة أكاديمية خطوط الطول ( المسؤول عن التقاويم الوطنية الفرنسية ) ، كما كان عضواً أجنبياً فى الجمعية الملكية بلندن .
تزوج ليبمان فى عام 1888 م ، من أخت الكاتب الفرنسى (V. Cherbuliez ) وعضو الأكاديمية الفرنسية ، وفى 13 يوليو من عام 1921 ، وأثناء عودته من رحلة بحرية الى شمال أمريكا كعضو فى لجنة كان يرأسها المارشال الفرنسى فايول ( عضو المجلس العسكرى الفرنسى الأعلى ) توفى ليبمان فى عرض البحر عن عمر ناهز 76 عاماً .
ـــــــــــــــ
المصدر : الموقع الرسمى لجائزة نوبل
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ظاهرة التداخل في البصريات : ظاهرة فيزيائية تحدث بين الموجات المقترنة ، فيحدث بين هذه الموجات تراكب أو تداخل نتيجة صدورهما من مصدر واحد أو تقاربهما في قيمة التردد ، عندما ينعكس الضوء ذو الطول الموجى المحدد على نفسه بواسطة المرآه ، فتتولد موجات دائمة ، بقدر التموجات التى تحدث عند إلقاء حجر فى مياه راكدة ، فتصنع موجات دائمة عندما تنعكس على سطح ما مثل جدار حمام السباحة ، وفى حالة الضوء العادى فإن الموجات الدائمة تختلف فقط بمقدار ضئيل ومجهرى ورقيق فى الفراغ بالقرب من السطح العاكس .
( 2 ) الألكترومتر أو مكشاف الشحنة ذو الورقتين الذهبيتين من أجهزة القياس التي لها أكثر من استخدام ، في الكهرباء يقيس فرق الجهد الكهربائي وفى الفيزياء جهاز للكشف عن الإشعاعات الكهربائية الضئيلة وقياسها وهناك العديد من أنواعه تتراوح بين التاريخية المصنوعة يدويا والميكانيكية ، وهوالمسؤول عن قياسات منخفضة جداً في تسرب التيارات ، وتستخدم اوراق الذهب في هذا الجهاز لأنها من الأدوات الحساسه لبيان الشحنة الكهربائية ، وتوضع الأوراق في غلاف زجاجى لحمايته من الجفاف .
( 3 ) المعادلة الشخصية The personal equation : تشير الى فكرة كانت موجودة فى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، وتعنى أن أى ملاحظة فردية لها تحيز كامن لصاحبها ، عندما يتعلق الأمر بالقياس والملاحظة ، أى وجود نسبة خطأ تتفاوت طبقاً للقائم بالقياس .
( 4 ) الكويلستات : جهاز يتكون من مرآة مستوية تدور ببطء بواسطة موتور لتعكس جزء من السماء باستمرار الى تلسكوب ثابت ، تم تركيب المرآة لتدور حول محور من خلال سطحها الأمامي الذى يشير الى القطب السماوى ، وتدور بمعدل دورة واحدة كل 48 ساعة ، وفى هذه الحالة تصبح ثورة التلسكوب ثابتة وغير مهزوزة .