ولد هندريك أنطون لورنتز فى أرنهايم بهولندا فى 18 يوليو عام 1953 ، كان أبيه جيريت فريدريك لورنتز صاحب مشتل ، وتوفت أمه ( جيرترويدا فان جينكل ) وهو فى الرابعة من عمره ، فتزوج والده فى عام 1862 من ( لوبرتا هوبكز) فى هذه الأثناء كانت المدرسة التى التحق بها تعمل ثلاث فترات ، صباحاً وظهراً وليلاً ، بنظام الساعات المعتمدة ، فاستطاع أن ينجز تعليمه فى فترة وجيزة الى أن التحق بالمدرسة العليا التى افتتحت فى عام 1866 بأرنهايم ، والتحق بجامعة لايدن فى عام 1870 وهو بعمر 17 عاماً ، وحصل على درجة البكالوريوس فى الرياضيات والفيزياء عام 1871 ، وعاد الى أرنهايم عام 1872 ، ليعمل مدرساً ليلياً بمدرستها ، ويعمل فى نفس الوقت على أطروحته للدكتوراه حول إنعكاس وانكسار الضؤ ، والتى حصل بموجبها على الدكتوراه عام 1875 وهو بسن 22 عاماً ، وبعد ثلاث أعوام فقط ترأس قسم الفيزياء النظرية فى جامعة لايدن والذى أنشئ خصيصاً له ، ورغم الدعوات العديدة التى تلقاها من جامعات أخرى ، إلا أنه ظل وفياً لجامعته .
من عام 1912 فصاعداً ، قبل وظيفة مزدوجة فى هارلم كمديراً لمتحف هارلم للفيزياء وسكرتيراً للجمعية الهولندية للعلوم ، واستمر فى جامعة لايدن كأستاذ زائر يقدم محاضرة صباح كل إثنين لبقية حياته .
كانت رؤيته العميقة فى إدارة مؤسسة هارلم قد أتاحت لعقله المتفرد التخلص من قيود الروتين الأكاديمى ، والتحليق بجناحية فى فضاء العلوم الرحب حيث لم يصل إلا قليل جداً من المحظوظين .
في أول عشرين عام في ليدن، اهتم لورنتز في المقام الأول بنظرية الكهرومغناطيسية لتفسير العلاقة بين الكهرباء ، المغناطيسية ، والضوء ، بعد ذلك امتدت أبحاثه لمجالات اوسع بكثير بينما ظل مركزا في الفيزياء النظرية .
كانت رؤيته العميقة فى إدارة مؤسسة هارلم قد أتاحت لعقله المتفرد التخلص من قيود الروتين الأكاديمى ، والتحليق بجناحية فى فضاء العلوم الرحب حيث لم يصل إلا قليل جداً من المحظوظين .
منذ بدايات عمله العلمى ، أخذ لورنتز على عاتقه دراسة وتوسيع نظرية جيمس كلارك ماكسويل عن الكهرباء والضؤ ، فقد ركز فى رسالة الدكتوراه على ظاهرة انكسار وانعكاس الضؤ من وجهة نظر جديدة تماماً ، وكان عمله الأساسى على البصريات والكهربية قد أحدث ثورة فى المفاهيم المتعلقة بهذا الموضوع فى عصره .
فى عام 1878 نشر مقالاً عن العلاقة بين سرعة الضؤ فى وسط ما ، وكثافة ونوع أو تكوين هذا الوسط ، ووصل الى صيغة هذه العلاقة فى نفس الوقت الذى توصل اليها العالم الدانماركى ( لورنز ) والتى باتت تعرف بمعادلة لورنز ـ لورنتز (Lorenz-Lorentz formula )
كما ساهم لورنتز مساهمة فعالة فى دراسة ظاهرة الأجسام المتحركة ، من خلال أطروحته عن إنحراف الضؤ والمشاكل التى تنجم عن الإرتباط بهذه الظاهرة ، متتبعاً فرضية ( فريسنل Fresnel ) عن وجود الوسط أو الإيثير الثابت (immovable ether ) الذى يتغلغل بحرية فى جميع الأجسام ، هذه الفرضية شكلت الأساس للقاعدة العامة للكهربية والظاهرة الضوئية للأجسام المتحركة .
وقد كانت وجهة نظر لورنتز فى هذا الوقت عن الإلكترون ، أن الجسيمات المشحونة كهربياً تلعب دوراً يمكن قياسه فى ظاهرة الكهرومغنطيسية وأنه من الممكن تطبيق النظرية الجزيئية لنظرية الكهربية ، وتوضيح سلوك الموجات الضوئية التى تعبر خلال أجسام متحركة وشفافة .
إستند ما يسمى بتحول لورنتز (Lorentz transformation ) فى عام 1904 ، على حقيقة أن القوى الكهرو مغناطيسية بين الشحنات تتعرض لتغيرات طفيفة طبقاً لحركتها ، مما يؤدى الى انكماش لحظى فى حجم الأجسام المتحركة (moving bodies ) , لم توضح وجهة النظر هذه الغياب الظاهر للحركة النسبية للأرض عند وضع الإثير فى الإعتبار فقط ، كما يتبين من تجارب ميكلسون ومورلى ، بل مهدت الطريق للنظرية النسبية الخاصة لأينيشتين .
النظرية تقول ان الذرة تحتوى على جسيمات مشحونة ، تذبذب هذه الجسيمات هو مصدر الضوء ، وعندما قام زميله ( بيتر زيمن ) باكتشاف تاثير زيمان عام 1896, امد لورنتز ذلك الاكتشاف بالتفسير النظرى ، اكتشافاتهما العملية والنظرية فازت بجائزة نوبل عام 1902 مناصفة ، كما يرتبط اسم لورنتز بصيغة لورنتز ، قوة لورنتز ، توزيع لورنتز ، وتحويلات لورينتز .
ويمكن القول أن علماء الفيزياء النظرية قد اهتموا بأبحاث لورنتز الذى أكمل ما لم يكمله أسلافه ، وأعد الأرضية للأفكار الجديدة المثمرة التى تعتمد على نظرية الكم .
فى عام 1919 تم تعيين لورنتز رئيساً للجنة التى تناقش حركة ماء البحر المتوقعه خلال وبعد استصلاح بعض الأراضى البحرية بأحد الخلجان الضيقه فى الشمال الغربى لبحر الشمال فى هولندا ن وكان واحداً من أهم الأعمال على مر العصور فى الهندسة الهيدروكليكية ، فحساباته النظرية ، وعمله الرائد لثمانى سنوات ، أكد على الأهمية البالغة والقيمة العظيمة لعلم الهيدروليكا .
وقد منح لورنتز العديد من جوائز التميز والشرف على مستوى العالم ، كما ترأس العديد من المؤتمرات الدولية بمنتهى المهارة ، فقد كان شخصاً ودوداً وحكيماً ويتقن العديد من اللغات ، فحتى وفاته كان رئيساً لكل مؤتمرات سولفاى (وهي مؤتمرات علمية في الفيزياء والكيمياء تُعقد منذ عام 1911 ، في أوائل القرن العشرين، كانت هذه المجالس تجمع بين أبرز العلماء في ذلك الوقت ، الشيئ الذي سمح بتقدم هام في ميكانيكا الكم ، وتم تنطيم هذه المؤتمرات تحت رعاية إرنست سولفاي ، الكيميائي ورجل الصناعة البلجيكي ) ، وتم إنتخاب لورنتز فى عام 1923 لعضوية اللجنة الدولية للتعاون الفكرى ( احدى لجان عصبة الأمم أسست فى عام 1922 لتعزيز التعاون بين المثقفين والمفكرين والفنانين على مستوى العالم ) ، كانت هذه اللجنة تتألف من سبعة من أبرز الباحثين على مستوى العالم ، وأصبح لورنتز رئيساً لها فى عام 1925 .
ومن خلال مكانته العظيمة بين دوائر الحكومة فى بلده ، تمكن لورنتز من إقناع حكومته بأهمية العلم فى الإنتاج الوطنى ، مما أدى فى النهاية الى إنشاء ما يعرف اليوم باسم ( المنظمة الهولندية للبحوث العلمية التطبيقية )
سيرته الشخصية :
كان لورنتز رجل ذو شخصية ساحرة وجذابة ، وصورة واضحة للتجرد ، وكان محبوباً من حكام عصره والأشخاص العاديين على حد سواء .
تزوج فى عام 1881 من ( أليتا كاتارينا قيصر Aletta Catharina Kaiser ) كان والدها أستاذاً فى أكاديمية الفنون ومديراً للمتحف الذى سمى لاحقاً باسم المتحف الوطنى لأمستردام ، وأول من صمم طابع بريد هولندى .
أنجب لورنتز ابنتين من أليتا ، الأولى هى الدكتورة جيترويدا (Geertruida Luberta Lorentz ) كانت طبيبة وتزوجت من أحد الأساتذة ومديرى المختبرات العلمية فى جامعة لايدن .
وفى 4 فبراير من عام 1928 توفى لورنتز فى هارلم ، بعد حياة علمية حافلة أضاف فيها الكثير للعلم وللبشرية .
كانت الجنازة في عصر الجمعة ، 10 فبراير ، وتم ايقاف خدمات التليفون والتليغراف لمدة ثلاث دقائق حدادا على أعظم رجل انجبته هولندا ، حضر الجنازة العديد من زملاؤه وفيزيائيين من بلاد عديدة ، وألقى ممثلا عن الجمعية الملكية خطابا عن لورنتز مقدرا إنجازاته.
المصدر : الموقع الرسمى لجائزة نوبل