كان ( ألفريد نوبل ) هو الإبن الرابع لأسرة فقيرة أنجبت ثمانية من الأبناء ، ولد فى ستوكهولم فى 21 أكتوبر 1833 م ، ثم انتقل مع أسرته الى ( سانت بطرسبرج ) حيث عمل والده في صناعة أدوات الآلات والمتفجرات ، وبعد تحسن وضع الأسرة المادي ، تم إرساله للتعليم ، حيث برع في دراسته لا سيما في الكيمياء واللغات ، وكان يتحدث اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية بطلاقة .
قام مصنع الأسرة بإنتاج أسلحة تم استخدامها في حرب القرم 1853-1856 ثم واجهتهم مصاعب في العودة إلى الإنتاج المحلي العادي عند انتهاء القتال ، كما قدموا طلبا للإفلاس. في عام 1859 أصبح المصنع في رعاية الابن الثاني ، لودفيج نوبل (1831-1888) الذي قام بتحسين أعماله بشكل كبير، وبعودة ألفرد من روسيا إلى السويد مع والديه، كرس نفسه لدراسة المتفجرات ، وخاصة ( النيتروجليسرين ) الذي اكتشف عام 1847 م ، من قبل أسكانيو سوبريرو وهو أحد زملائه تحت إشراف تيوفيل-جول بيلووز في جامعة تورينو ، وفى عام 1863 اخترع نوبل جهاز تفجير، وقام سنة 1865 بتصميم كبسولة تفجير.
في 3 سبتمبر 1864، انفجرت سقيفة كانت تستخدم لإعداد النيتروجليسرين في مصنعهم بمنطقة هيلينبورغ في ستوكهولم، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص بينهم شقيق ألفرد الأصغر إميل. لحق ذلك حوادث طفيفة أخرى ولكن لم يبدِ انزعاجه، وقام ببناء مصانع أخرى مع التركيز على تحسين استقرار المتفجرات ، اخترع نوبل الديناميت عام 1867، وهي مادة أسهل وأكثر أمنا للتعامل من النيتروجليسرين ، وحصل على براءة اختراع الديناميت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، وكان يستخدم على نطاق عالمي واسع في مجال التعدين وبناء شبكات النقل ، وفي عام 1875 اخترع نوبل الجلجنيت (gelignite) وهي مادة أكثر استقرارا وقوة من الديناميت، وخلال حياته أصدر نوبل 350 براءة اختراع دولي ، انتخب نوبل عضوا في الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في 1884، وهي نفس المؤسسة التي تقوم باختيار الفائزين لإثنين من جوائز نوبل التي أوصى بتأسيسها في وقت لاحق، وحصل على الدكتوراة الفخرية من جامعة أوبسالا في 1893 م .
قام إخوة نوبل لودفيج وروبرت بالاستثمار في حقول النفط الغنية على طول بحر قزوين وجمعا ثروة ضخمة. كما ساهم نوبل بالاستثمار في هذه الحقول النفطية من خلال تطوير المناطق النفطية الجديدة.
في عام 1891، وبعد وفاة والدته وشقيقه لودفيج ونهاية علاقة طويلة الأمد ، انتقل نوبل من باريس إلى سان ريمو بإيطاليا ، وهناك عانى من ذبحة صدرية وتوفي في منزله جراء نزيف دماغي سنة 1896 م ، وقبل وفاته قام بإنشاء 90 مصنعا للأسلحة ، على الرغم من اعتقاده في السلمية ، وبعد نشر خبر وفاته عن طريق الخطأ ، قام نوبل بتكريس معظم ثروته دون علم أسرته أو أصدقائه أو زملائه لتمويل جوائز نوبل التي تم إطلاق اسمه عليها .
في 27 نوفمبر 1895 ، وقع نوبل وصيته الأخيرة لدى النادي السويدي النرويجي في باريس ، مكرسا الجزء الأكبر من تركته لتأسيس جوائز نوبل التي تمنح سنويا دون تمييز لجنسية الفائز ، بعد الضرائب والوصايا للأفراد ، قام نوبل بتخصيص ما يعادل 1,687,837 جنيه إسترليني آنذاك للجائزة | وفي عام 2012 م ، بلغ رأس مال جوائز نوبل حوالي (472 مليون دولار أمريكي أو 337 مليون يورو) أي ضعف مبلغ رأس المال الأول تقريبا ) .
تمنح الثلاثة جوائز الأولى في العلوم الطبيعية والكيمياء والعلوم الطبية أو علم وظائف الأعضاء ، وتمنح الجائزة الرابعة للأعمال الأدبية ، والجائزة الخامسة تمنح للشخص أو المجتمع الذي يقوم بأكبر خدمة للسلام الدولي ، كالحد من الجيوش ، أو في إنشاء أو تعزيز مؤتمرات السلام . عانى نوبل من ذبحة صدرية وتوفي في منزله جراء نزيف دماغي فى 10 ديسمبر عام 1896 م ، عن عمر يناهز 63 عاماً .
سنحاول فى الحلقات القادمة إلقاء الضوء على العلماء الذين حصلوا على هذه الجائزة منذ عام 1901 حتى الآن ، لنتعرف على إسهاماتهم فى تاريخ العلم وخدمة البشرية ، كما تمنى ألفريد نوبل فى وصيته الأخيرة ، فانتظرونا ...
تمنُح جوائز نوبل كل عام من قبل الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم والأكاديمية السويدية ومعهد كارولنسكا ولجنة نوبل النرويجية ، وذلك للأفراد والمنظمات ذوي الإسهامات البارزة في مجالات الكيمياء والفيزياء والأدب والسلام والفسيولوجيا أو الطب. وقد تأسست هذه الجائزة العريقة بناء على الوصية التي تركها ألفريد نوبل وفيها أوصى بأن تكون مؤسسة نوبل هي المانحة لهذه الجوائز. وقد أنشئت لاحقًا جائزة أخرى، وهو جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، في عام 1968، ويمنحها البنك المركزي في السويد، وهو بنك سفيرجيس ريكسبانك، لمن يقدموا إسهامات بارزة في مجال العلوم الاقتصادية.
ويتولى منح كل نوع من جوائز نوبل لجنة منفصلة ، حيث تتولى الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح الجوائز في مجالات الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، فيما يمنح معهد كارولنسكا جوائز نوبل في الفسيولوجيا أو الطب ، أما جائزة نوبل في السلام فتمنحها لجنة نوبل النرويجية ، ويتسلم كل فائز ميدالية وشهادة وجائزة مالية تتفاوت قيمتها من سنة لأخرى. وفي عام 1901، حصل أول الفائزون بجوائز نوبل على جائزة مالية قدرها 150.782 كرونة سويدية، بلغت قيمة الجائزة 10 مليون كرونة فى عام 2008 م . وتُمنح جوائز نوبل في استوكهولم في احتفالية سنوية تقام في العاشر من ديسمبر، ذكرى وفاة ألفريد نوبل.
وحتى عام 2019 ، تخطى عدد الحاصلين على جوائز نوبل 914 فردًا و 24منظمة ، منهم 79 فازوا بجائزة نوبل في العلوم الاقتصادية ولم يتمكن أربعة من الفائزين بالجائزة من استلامها نتيجة للضغوط التي مارستها حكوماتهم، حيث منع أدولف هتلر ثلاثة من الألمان، وهم ريتشارد كون في الكيمياء لسنة 1938 وأدولف بوتينانت في الكيمياء لسنة 1939 وجيرهارد دوماك في الفسيولوجيا أو الطب لسنة 1939 من استلام جوائزهم، كما مارست حكومة الاتحاد السوفيتي ضغوطًا على بوريس باسترناك في الأدب لعام 1958 لحضه على رفض الجائزة. كما رفض الجائزة اثنان من الفائزين، وهما جان بول سارتر في الأدب لعام 1964) ولي دورك ثو (في السلام لعام 1973 وقد جاء رفض سارتر للجائزة لرفضه كل أشكال التشريف والجوائز الرسمية بصفة عامة، أما في حالة "لي" فكان السبب هو الأوضاع التي كانت تمر بها فيتنام في ذلك الوقت.
وقد تسلم ستة فائزون أكثر من جائزة واحدة ، فقد تسلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر جائزة نوبل في السلام لثلاث مرات ، وهي بذلك تعد أكثر من حازت جوائز نوبل. ومن بين الفائزين البالغ عددهم 914 ، كانت 48 منهم من النساء ؛ وكانت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل هي ماري كوري، والتي فازت بجائزة نوبل في الفيزياء في عام 1903. كما كانت أيضًا أول شخص (سواء من الرجال أو النساء) يفوز بجائزة نوبل مرتين ، وكانت المرة الثانية في الكيمياء في سنة 1911
وفي السنوات التي احتجبت فيها الجائزة نتيجة لأحداث خارجية أو لانعدام الترشيحات، كانت تُعاد القيمة المالية للجائزة إلى الوديعة المصرفية الخاصة بالجائزة. وقد احتجبت الجائزة خلال الأعوام بين 1940 و 1942 بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية.