ومن الأحداث الهامة التى ارتبطت بإسم المدينة اجتماع الكهان عام 196 ق م . م ليسجلوا شكرهم للملك بطليموس الخامس على إغداقه على معابدهم ، ونسخ هذا القرار بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية ، وعثرت الحملة الفرنسية على احدى نسخه عام 1799 أسفل قلعة رشيد .
ولم يتبق من منف سوى أطلال متفرقة هنا وهناك نتيجة تعرضها مثلها مثل طيبة لضربات قاسية نتجت معظمها عن الإحتلال الأجنبى لمصر ، مثل سيطرة الأشوريين على المدينة بقيادة أسرحدون ثم آشور بنيبال وأدت الى تدمير المدينة ، ثم نالت الضربة القاضية على يد قمبيز الفارسى الذى خربها وقتل كهنتها وقتل العجل آبيس ، وما لبثت المدينة أن لاقت إنتعاشاً فى العصر البطلمى والرومانى ، إلا أن المرسوم الذى أصدره الإمبراطور ثيودسيوس بتخريب المعابد وتحطيم تماثيل المعبودات قضى على المدينة نهائياً ، وأدى الزحف العمرانى والزراعى وعبث الأيادى الى القضاء على رونق منف .
منف كما وصفها علماء الحملة الفرنسية ( مسيو جومار ) :
إن إسم منف لا يقل شهرة عن إسم طيبة ، فمنف وطيبة كانتا مقرين لأقوى وأعظم الملوك وعاصمتين لأكبر إمبراطورية شيدت فى عهدها أجمل الأثار كما تطورت فيها الفنون ، وكان هوميروس ينشد لعظمتها مبهوراً بها ، فكانت منف مقراً لملوك مصر عندما أتى العبرانيون إليها ، أما طيبة فكانت متأخرة فى العلاقات التى بدأت تتفتح مع أوروبا وأفريقيا الشمالية وآشور وآسيا الصغرى .
ولم تكن طيبة مقراً للفراعنة ، فمنذ فترة طويلة كانت السلطة والحكم الملكى فى منف ، والتى تقع على بعد 3 شون فقط من النقطة التى يتفرع عندها مجرى نهر النيل الى فرعين ، ثم الى خمسة فروع أخرى ، فتكون شبكة عريضة أطلق اليونانيون عليها اسم الدلتا حيث يتفرع النهر الى مائة قناة مختلفة .
وكانت منف تحتل موقعاً متميزاً واستراتيجياً للتجارة الداخلية والخارجية وادارة البلاد ، وبالرغم من أنها أصبحت العاصمة بعد طيبة ، إلا أنها تعتبر الأقدم فى المنطقة . فطبقاً لقول هيرودوت : بناها مينا أول ملوك مصر ، واضطر لتغيير مجرى مياه النيل لوضع أساس المدينة فأصبح النيل يصب فى الشرق ، وكان النيل يمر خلال جزء من المدينة فقط ، ليمتد حتى جبال السلسلة الليبية ، وذلك عكس طيبة التى كانت تنقسم الى جزأين يمر النيل بينهما .
وكل من تحدث عن مصر من كتاب وشعراء ومؤرخين وجغرافيين باستثناء هوميروس أعربوا عن إنبهارهم بمدينة منف وروائعها وعلى وجه الخصوص الأهرامات الشهيرة الشامخة ومن خلال قصصهم تمكن العلماء من تقديم وصف شامل أكثر منه كافٍ لمصر .
غير أن بعض الإختلافات فى الآراء سببت شيئاً من الغموض ، فمن الأفضل أخذ العوامل المشتركة لوصف الأماكن المعنية وبهذ الطريقة تتضح الأمور .
المصدر : موسوعة وصف مصر ـ طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب ، الجزء 24