ذو النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه

ذو النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين ، و رابع من دخل فى الإسلام ، سخر ماله بعد إسلامه فى تأييد الدعوة . هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقية ابنة النبى صلى الله عليه وسلم  و بعد وفاتها تزوج من أختها أم كلثوم ولذلك لقب بذى النورين . فى خلافته توسع المسلمون شرقا وغربا ، فوصل الإسلام إلى قبرص ، وهو ثالث العشرة المبشرين بالجنة ، استشهد فى الثامن عشر من ذى الحجة عام 35 هجريا .

 نسبه : أبوه:عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب‏ بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من بطن بني أمية ومن ساداتها وكان كريما جوادا وكان من كبار الأثرياء، وهو ابن عم الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب الذي حارب الرسول وأذاه قبل أن يسلم عند فتح مكة. يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه‏‏‏.يجتمع نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في عبدمناف.

أمه الصحابية الجليلة : أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب‏ بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأروى هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول  ، ولد بمكة وفي رواية انه ولد بطائف، كان غنيا شريفا في الجاهلية. وكان أنسب قريش لقريش. أنجبت أروى مرتين من عفان: عثمان وأخته أمنة. بعد وفاة عفان, تزوجت أروى من عقبة بن ابي معيط, وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبنت وهم : الوليد بن عقبة ، خالد بن عقبة ، عمرو بن عقبة ، أم كلثوم بنت عقبة.

 صفاته :

كان رجلا ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كث اللحية عظيمها، عظيم الكراديس(جمع كردوس، وهو كل عظمين التقيا في مفصل)، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفِّر لحيته. وقال الزهري: كان عثمان رجلا مربوعا، حسن الشعر، حسن الوجه، أصلع، أروح الرجلين(منفرج ما بينهما), وأقنى(طويل الأنف مع دقة أرنبته، وحدب في وسطه), خدل الساقين(ضخم الساقين), طويل الذراعين، قد كسا ذراعيه جعد الشعر، أحسن الناس ثغرا، جُمَّته(مجتمع شعر الرأس) أسفل من أذنيه، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل:أسمر اللون.

إسلامه :

أسلم عثمان بن عفان في أول الإسلام قبل دخول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان عمره قد تجاوز الثلاثين. دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام قائلاً له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع‏؟‏ فقال‏:‏ بلى واللَّه إنها كذلك. قال أبو بكر‏:‏ هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏. وفي الحال مرَّ رسول اللَّه فقال‏:‏ ‏‏يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه‏‏.‏ قال ‏:‏ فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله .

كان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة، تزوج عثمان رقية بنت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت معه إلى الحبشة وإلى المدينة وكان يقال‏:‏ "أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وعثمان". ثم إنها مرضت وماتت سنة 2 هـ أثناء غزوة بدر فحزن عليها حزناً شديداً فزوّجه الرسول من أختها أم كلثوم لذلك لقّب بـ "ذي النورين" لأنه تزوج من بنتى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيداً. ‏استخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان، وكان محبوباً من قريش، وكان حليمًا، رقيق العواطف، كثير الإحسان‏.‏ وكانت العلاقة بينه وبين أبي بكر وعمر وعليّ على أحسن ما يرام، ولم يكن من الخطباء، وكان أعلم الصحابة بالمناسك، حافظاً للقرآن، ولم يكن بل كان يأكل اللين من الطعام‏.‏

زوجات عثمان :

قبل إسلامه

ـ أم عمرو بنت جندب الدوسية، أنجبت منه: عمرو وخالد وأبان وعمر ومريم.

ـ فاطمة بنت الوليد، أنجبت منه: وليد وسعيد وأم سعيد. عمرو كان أكبر أبناء عثمان وفي فترة ما قبل الإسلام كان يعرف عثمان بأبي عمرو.

بعد إسلامه

ـ  رقية بنت محمد ابنة الرسول, وقد أنجبت عبد الله بن عثمان, ولكنه توفي مبكراً, وكان يسمى بأبي عبد الله بعد إسلامه.

ـ أم كلثوم بنت محمد ثاني بنات الرسول, ولم تنجب لعثمان, تزوجها بعد وفاة رقية.

ـ فاختة بنت غزوان، تزوجها بعد وفاة أم كلثوم، أنجبت له عبد الله بن عثمان الصغير, وقد توفي صغير السن.

ـ أم البنين بنت عيينة بن حصن، تزوجها بعد وفاة أم كلثوم، أنجبت له عبد الملك بن عثمان، وقد مات صغيرا.

ـ رملة بنت شيبة، أنجبت له عائشة وأم أبان وأم عمرو بنت عثمان.

ـ  نائلة بنت الفرافصة، أنجبت له: أم خالد، أم أبان الصغرى وأروى. وولدت له ابنته مريم كما قال ابن الجوزي وابن سعد، وقال آخرون مريم ليست ابنتها. قال ابن الجوزي: ومريم أمها نائلة بنت الفرافصة.

زواجه من رقية بنت رسول الله

وقصة ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد زوج رقية من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}  ( المسد: 1-5 ) . قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية: فارقا ابنتي محمد. ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما، كرامةً من الله تعالى لهما، وهوانًا لابنَيْ أبي لهب.

وما كاد عثمان بن عفان رضي الله عنه يسمع بخبر طلاق رقية حتى استطار فرحًا وبادر، فخطبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منه، وزفتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه: أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان.

زواجه من أم كلثوم بنت رسول الله

عرفت أم كلثوم -رضي الله عنها- بكنيتها، ولا يعرف لها اسم إلا ما ذكره الحاكم عن مصعب الزبيري أن اسمها (أمية)، وهي أكبر سنًّا من فاطمة رضي الله عنها.

قال سعيد بن المسيب: "تأيم عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأيمت حفصة بنت عمر من زوجها، فمر عمر بعثمان، فقال: هل لك في حفصة؟ وكان عثمان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فلم يجبه، وذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ أَتَزَوَّجُ حَفْصَةَ وَأُزَوِّجُ عُثْمَانَ خَيْرًا مِنْهَا: أُمَّ كُلْثُومُ".

وعن أم المؤمنين بنت الصديق -رضي الله عنها- قالت: لما زوج النبي ابنته أم كلثوم قال لأم أيمن: "هَيِّئِي ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ، وَزِفِّيهَا إِلَى عُثْمَانَ، وَاخْفِقِي بَيْنَ يَدَيْهَا بِالدُّفِّ". ففعلت ذلك، فجاءها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثالثة، فدخل عليها فقال: "يَا بُنَيَّةُ، كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟" قَالَتْ: خَيْرَ بَعْلٍ".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند باب المسجد فقال: يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا". وكان ذلك سنة ثلاث من الهجرة النبوية في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.

ولما توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شعبان سنة تسع هجرية تأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراقه لأم كلثوم، "ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، فدنا منه وقال: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ".

وهذا دليل حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان، ودليل وفاء عثمان لنبيه وتوقيره، وفيه دليل على نفي ما اعتاده الناس من التشاؤم في مثل هذا الموطن، فإن قدر الله ماضٍ وأمره نافذ، ولا راد لأمره.

كان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.

يقول عن نفسه رضي الله عنه: "مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ".

وكان رضي الله عنه على علم بمعارف العرب في الجاهلية ومنها: الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وساح في الأرض، فرحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقواما غير العرب، فعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره. واهتم بتجارته التي ورثها عن والده، ونمت ثروته وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش، فقد كان المجتمع المكي الجاهلي الذي عاش فيه عثمان يقدر الرجال حسب أموالهم، ويُهاب فيه الرجال حسب أولادهم وإخوتهم وعشيرتهم وقومهم، فنال عثمان مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة.

يروي ابن إسحاق: لما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله، وكان أبو بكر رجلاً مؤلفًا لقومه محببًا سهلاً، وكان أنسب قريش، وكان رجلاً تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فانطلقوا ومعهم أبو بكر، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق الإسلام وبما وعدهم الله من الكرامة، فآمنوا وأصبحوا مقرين بحق الإسلام، فكان هؤلاء النفر الثمانية -يعني مع علي وزيد بن حارثة- الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا بما جاء من عند الله تعالى.

كان عثمان رضي الله عنه قد ناهز الرابعة والثلاثين من عمره حين دعاهأبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤًا أو تلعثمًا بل كان سبَّاقًا أجاب على الفور دعوة الصديق، فكان بذلك من السابقين الأولين، فكان بذلك رابع من أسلم من الرجال، ولعل هذا السبق إلى الإسلام كان نتيجة لما حدث له عند عودته من الشام، وقد قصه رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه هو وطلحة بن عبيد الله، فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإسلام، ووعدهما الكرامة من الله، فآمنا وصدقا، فقال عثمان: "يا رسول الله، قدمت حديثًا من الشام، فلما كان بين معان والزرقاء، فنحن كالنيام فإذا منادٍ ينادينا: أيها النيام هبُّوا، فإن أحمد قد خرج بمكة. فقدمنا فسمعنا بك".

لا شك أن هذه الحادثة تترك في نفس صاحبها أثرًا عجيبًا لا يستطيع أن يتخلى عنه عندما يرى الحقيقة ماثلة بين عينيه، فمن ذا الذي يسمح بخروج النبي قبل أن يصلي إلى البلد الذي يعيش فيه، حتى إذا نزله ووجد الأحداث والحقائق تنطق كلها بصدق ما سمع به، ثم يتردد في إجابة الدعوة؟ فقد تأمل في هذه الدعوة الجديدة بهدوء كعادته في معالجة الأمور، فوجد أنها دعوة إلى الفضيلة ونبذ الرذيلة، دعوة إلى التوحيد وتحذير من الشرك، دعوة إلى العبادة وترهيب من الغفلة، ودعوة إلى الأخلاق الفاضلة وترهيب من الأخلاق السيئة، ثم نظر إلى قومه فإذا هم يعبدون الأوثان ويأكلون الميتة، ويسيئون الجوار، ويستحلون المحارم، وإذا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم صادق أمين يعرف عنه كل خير ولا يعرف عنه شر قط، فلم تُعهد عليه كذبة، ولم تحسب عليه خيانة.

أسلم رضي الله عنه على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومضى في إيمانه قدمًا، قويًّا هاديًا، وديعًا صابرًا عظيمًا راضيًا، عفوًّا كريمًا محسنًا رحيمًا سخيًّا باذلاً، يواسي المؤمنين ويعين المستضعفين، حتى اشتدت قناة الإسلام.

أبناء عثمان بن عفان:

كانوا تسعة أبناء من الذكور من خمس زوجات، وهم:

عبد الله: ولد قبل الهجرة بعامين، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أوائل أيام الحياة في المدينة نقره الديك في وجهه قرب عينه، وأخذ مكان نقر الديك يتسع حتى مات في السنة الرابعة للهجرة، وكان عمره ست سنوات.

وعبد الله الأصغر: أمه فاختة بنت غزوان.

 وعمرو: وأمه أم عمرو بنت جندب، وقد روى عن أبيه وعن أسامة بن زيد، وروى عنه علي بن الحسين وسعيد بن المسيب وأبو الزناد، وهو قليل الحديث، وتزوج رملة بنت معاوية بن أبي سفيان، توفي سنة ثمانين للهجرة.

 وخالد: وأمه أم عمرو بنت جندب.

 وأبان: وأمه أم عمرو بنت جندب كان إمامًا في الفقه يكنى أبا سعيد، تولى إمرة المدينة سبع سنين في عهد الملك بن مروان، سمع أباه وزيد بن ثابت، له أحاديث قليلة.

 وعمر: وأمه أم عمرو بنت جندب.

 والوليد: وأمه فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية.

 وسعيد: وأمه فاطمة بنت الوليد المخزومية، تولى أمر خراسان عام ستة وخمسين أيام معاوية بن أبي سفيان.

 وعبد الملك: وأمه أم البنين بنت عينية بن حصن، ومات صغيرًا.

وأمَّا بناته فهن سبع من خمس نساء، منهن: مريم: وأمها أم عمرو بنت جندب، وأم سعيد: وأمها فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس المخزومية، وعائشة: وأمها رملة بنت شيبة بن ربيعة، ومريم: وأمها نائلة بنت الفرافصة، وأم البنين: وأمها أم ولد.

عثمان بن عفان في العهد النبوي :

من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في عثمان

روي في صحيح البخاري:

أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كنت مع النبي ‪ﷺ في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي ‪ﷺ: إفتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو أبو بكر، فبشرته بما قال رسول الله، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي ‪ﷺ: إفتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال رسول الله، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال لي: إفتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان. فأخبرته بما قال رسول الله ‪ﷺ، فحمد الله ثم قال: الله المستعان

عن أنس رضي الله عنه قال: صعد النبي ‪ﷺ أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: اسكن أحد ـ أظنه ضربه برجله ـ فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان

روي في صحيح مسلم :

عن أبي هريرة أن رسول الله ‪ﷺ كان على حراء، وأبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله

روي في فضائل الصحابة :

عن أنس ابن مالك قال: أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيْ وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح .

 صبر عثمان بن عفان على التعذيب وهجرته إلى الحبشة

 أوذي عثمان وعُذب في سبيل الله تعالى على يد عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية الذي أخذه فأوثقه رباطًا، وقال: أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟ والله لا أحلك أبدًا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين. فقال عثمان: والله لا أدعه أبدًا، ولا أفارقه. فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الأولى والثانية، ومعه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عثمان وجيش العسرة

يقال لغزوة تبوك غزوة العُسرة، مأخوذة من قول الله في القرآن‏:‏ ِ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة

ندب رسول اللَّه الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة والحملان، فجاءوا بصدقات كثيرة فجهَّز عثمان ثلث الجيش جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها‏.‏ وقيل‏:‏ جاء عثمان بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجر رسول الله.‏‏

بئر رومة :

واشترى بئر رومة من اليهود بعشرين ألف درهم، وسبلها للمسلمين‏.‏ كان رسول اللَّه قد قال‏:‏ ‏‏من حفر بئر رومة فله الجنة.

عثمان وغزوة بدر :

لما خرج المسلمون لغزوة بدر كانت زوجة عثمان السيدة رقية بنت رسول الله مريضة بمرض الحصبة ولزمت الفراش، في الوقت الذي دعا فيه رسول الله للخروج لملاقاة القافلة، وسارع عثمان للخروج مع رسول الله، إلا انه تلقى أمرًا بالبقاء إلى جانب زوجته رقية لتمريضها، وامتثل لهذا الأمر بنفس راضية وبقي إلى جوارها، إلى ان توافاها الله. وعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: جاء رجل من مصر حج البيت فقال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت، هل تعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ فقال: نعم، ولكن أما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله فمرضت، فقال له رسول الله: «لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه».

عثمان بن عفان في عهدي أبو بكر وعمر :

كان شأنه شأن كثير من الصحابة المبشرين بالجنة، حيث رفض الخليفان ان يكون لهم دور مع الجيوش لحاجتهما مشورة كبار الصحابة في المدينة ومنهم عثمان بن عفان.

كان له دور في اختيار عمر بن الخطاب خليفة لابى بكر الصديق عندما استشاره أبا بكر الصديق في امر تولية عمر فقال عثمان : ذلك رجل سره أفضل من علانيته، كتب وصية ابى بكر في ذلك بنفسه.

خلافة عثمان بن عفان :

توليه الخلافة

ولي عثمان الخلافة وعمره 68 عامًا ،وقد تولى الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب، وفي اختياره للخلافة قصة تعرف بقصة الشورى وهي أنه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة أشخاص من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ليختاروا من بينهم خليفة. وذهب المدعوون إلى لقاء عمر إلا طلحة بن عبيد الله فقد كان في سفر وأوصاهم باختيار خليفة من بينهم في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصاً على وحدة المسلميـن.. بدأ عبد الرحمن بن عوف اتصالاته ومشاوراته فور انتهاء اجتماع المرشحين الستة صباح يوم الأحد، واستمرت مشاوراته واتصالاته ثلاثة أيام كاملة، حتى فجر يوم الأربعاء الرابع من محرم وهو موعد انتهاء المهلة التي حددها لهم عمر، وبدأ عبد الرحمن بعلي بن أبي طالب فقال له: إن لم أبايعك فأشر عليَّ، فمن ترشح للخلافة؟ قال علي: عثمان بن عفان، وذهب عبد الرحمن إلى عثمان وقال له: إن لم أبايعك، فمن ترشيح للخلافة؟ فقال عثمان: علي بن أبي طالب ،وذهب ابن عوف بعد ذلك إلى الصحابة الآخرين واستشارهم، وكان يشاور كل من يلقاه في المدينة من كبار الصحابة وأشرافهم، ومن أمراء الأجناد، ومن يأتي للمدينة، وشملت مشاورته النساء في خدورهن، وقد أبدين رأيهن، كما شملت الصبيان والعبيد في المدينة، وكانت نتيجة مشاورات عبد الرحمن بن عوف أن معظم المسلمين كانوا يشيرون بعثمان بن عفان، ومنهم من كان يشير بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

توسعة المسجد النبوى :

كان المسجد النبوي على عهد رسول اللَّه مبنيًَّا باللبن وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيءًا وزاد فيه عمرًا وبناه على بنائه في عهد رسول اللَّه باللبن والجريد وأعاد عمده خشبًا، ثم غيَّره عثمان، فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والفضة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب‏.‏

مشكلتان في عهد عثمان

أولاً: أن مجلس الشورى الذي أوصى به عمر لم يتحول إلى مؤسسة الشورى، لقد أدى مهمة واحدة وانتهى الأمر، وكان الأفضل والأفقه أن يظل الخمسة (بقية الستة) يمارسون دوراً استشارياً لمساعدة عثمان في تولية الأمور، خاصة مع كبر عمر عثمان وكثر حجم الدولة.

ثانياً: بعض الصفات الإيجابية الموجودة في عثمان، كالجود والكرم ودماثة الخلق والحياء الشديد، تصلح لمؤمن مثالي يستحق الجنة، وقد توفرت في الصحابي الجليل عثمان بن عفان الصفات القيادية التي مكنته من خوض غمار الفتوحات الإسلامية بل وتطوير الترسانة العسكرية الإسلامية لتضم أول اسطول حربي مقاتل اثبت النجاعة الكاملة في حرب الصواري.. إن القرابة الأموية استغلت هذه الصفات لمصلحتها ومكانتها، مقابل أجيال من الصحابة وغيرهم وجدوا أنفسهم بلا دور، مع الحاجة الماسة لأدوارهم في الدولة الشاسعة، مما أدى إلى نشوء شيء من المعارضة الرمزية تطور فيما بعد وتفاقم، بدل مؤسسة الشورى التي كان من المفروض تأسيسها.

يؤخذ على الخليفة عثمان انه ولى الكثير من اقاربه على الأمصار وتجاهل الصحابة الأحق. وهذا كان السبب الأهم في مقتل عثمان. ومن الولاة الذين ولاهم عثمان وهم من أقاربه:

ولاة عثمان بن عفان من أقاربه

  • معاوية بن أبي سفيان
  • عبد الله بن عامر بن كريز
  • الوليد بن عقبة
  • سعيد بن العاص
  • عبد الله بن سعد بن أبي السرح
  • مروان بن الحكم

الفتوحات في عهد عثمان

الفتوحات الإسلامية فى عصر الخلفاء الراشدين من أهم أعمال عثمان فتح مرو وتركيا وتوسيع الدولة الإسلامية وفتحت في أيام خلافة عثمان الإسكندرية ثم أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وتمت في عهده توسعة المسجد النبوي عام 29ــ30 هـ، وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين. وكان من أهم إنجازاته جمع كتابة القرآن الكريم الذي كان قد بدء بجمعه في عهد الخليفة أبي بكر الصديق. وجمع القرآن الكريم في مصحف مكتوب برسمه إلى الوقت الحالي.

جمعه للقرأن الكريم في مصحف واحد

في عهده أنتشر الإسلام في بلاد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قرائات متعددة وأنتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من أختلاف كتابة القران، وتغير لهجته جمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الامام.

الفتنة

في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام ، ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه .

وكانت ولاية عبدالله بن سعد بن أبي سرح على مصر  سببا من اسباب قتله رضى الله عنه :

وكان السبب في ذلك أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبدالله بن سعد بن أبي سرح. وكان سبب ذلك أن الخوارج من المصريين كانوا محصورين من عمرو بن العاص مقهورين معه لا يستطيعون أن يتكلموا بسوء في خليفة ولا أمير فما زالوا يعلموم عليه حتى شكوه إلى عثمان ؛ لينزعه عنهم ويولى عليهم من هو ألين منه فلم يزل ذلك دأبهم حتى عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة وولى على الحرب والخراج عبدالله بن سعد بن أبي سرح ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما حتى كان بينهما كلام قبيح فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر؛ خراجها وحربها وصلاتها وبعث إلى عمرو يقول له: لا خير لك في المقام عند من يكرهك فاقدم إلي. فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم وشر كبير فكلمه فيما كان من أمره بنفس وتقاولا في ذلك وافتخر عمرو بن العاص بأبيه على أبي عثمان وأنه كان أعز منه فقال له عثمان: دع هذا فإنه من أمر الجاهلية. وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان. وكان بمصر جماعة يبغضون عثمان ويتكلمون فيه بكلام قبيح -على ما قدمنا- وينقمون عليه في عزله جماعة من علية الصحابة وتوليته من دونهم أو من لا يصلح عندهم للولاية. وكره أهل مصر عبدالله بن سعد بن أبي سرح بعد عمرو بن العاص واشتغل عبدالله بن سعد عنهم بقتال أهل المغرب وفتحه بلاد البربر والأندلس وإفريقية.

ذهاب محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة لقتل الخليفة عثمان : 

ونشأ بمصر طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه وكان عظم ذلك مسندا إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب؛ لينكروا على عثمان فساروا إليها تحت أربع رفاق وأمر الجميع إلى أبي عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعبدالرحمن بن عديس البلوى وكنانة بن بشر التجيبي وسودان بن حمران السكوني .

وأقبل معهم محمد بن أبي بكر وأقام بمصر محمد بن أبي حذيفة يؤلب الناس ويدافع عن هؤلاء وكتب عبدالله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يعلمه بقدوم هؤلاء القوم إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم؛ ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة . ويقال: بل ندب الناس إليهم فانتدب علي رضي الله عنه لذلك فبعثه وخرج معه جماعة الأشراف وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر فقال علي لعمار فأبى عمار أن يخرج معه فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع وكان متغضبا على عثمان بسبب تأديبه له على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب فأدبهما عثمان .

الأسباب التى أدت إلى قتل عثمان منها أنه حرق القرآن : 

نسخة من المصحف العثمانى الموجود بتركيا فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه عليه فلم يقلع عنه ولم يرجع ولم ينزع فانطلق علي بن أبي طالب إليهم وهم بالجحفة وكانوا يعظمونه ويبالغون في أمره فردهم وأنبهم وشتمهم فرجعوا على أنفسهم بالملامة وقالوا: هذا الذي تحاربون الأمير بسببه وتحتجون عليه به. ويقال: إنه ناظرهم في عثمان وسألهم ماذا ينقمون عليه؟ فذكروا أشياء؛ منها أنه

 حمى الحمى ، وأنه حرق المصاحف ،  وأنه أتم الصلاة ،  وأنه ولى الأحداث الولايات وترك الصحابة الأكابر، وأعطى بني أمية أكثر من الناس ، فأجاب علي عن ذلك فقال:

أما الحمى فإنما حماه لإبل الصدقة لتسمن ولم يحمه لإبله ولا لغنمه وقد حماه عمر من قبله ، وأما المصاحف فإنما حرق ما وقع فيه اختلاف، وأبقى لهم المتفق عليه كما ثبت في العرضة الأخيرة ، وأما إتمامه الصلاة بمكة فإنه كان قد تأهل بها ونوى الإقامة فأتمها ، وأما توليته الأحداث فلم يول إلا رجلا سويا عدلا وقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على مكة وهو ابن عشرين سنة وولى أسامة بن زيد بن حارثة وطعن الناس في إمارته فقال: إنه لخليق للإمارة .

وأما إيثاره قومه بني أمية فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤثر قريشا على الناس، ووالله لو أن مفتاح الجنة بيدي لأدخلت بني أمية إليها.
ويقال: إنهم عتبوا عليه في عمار ومحمد بن أبي بكر. فذكر عثمان عذره في ذلك وأنه أقام فيهما ما كان يجب عليهما. وعتبوا عليه في إيوائه الحكم بن أبي العاص وقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد نفاه إلى الطائف ثم رده ثم نفاه إليها، قال: فقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رده.

وقال شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة عن معاملة المسلمين لعثمان بن عفان قبل قتله : " حتى يصل الأمر إلى خطف السيف من يده وكسره نصفين ، وإلى قذفه بالحجارة وهو على المنبر حتى يغشى عليه ، وإلى محاصرته ومنع المياه عنه ، بل أن يرسل إليه الأشترالنخعى خطاباً يفتتحه بالعبارة التالية :
" من مالك بن الحارث إلى الخليفة المبتلى الخاطئ الحائد عن سنة نبيه النابذ لحكم القرآن وراء ظهره  "

إهانة عثمان بن عفان (نعثلاً )

قال محمد بن عمر: وحدثني محمد بن صالح عن عبد الله بن رافع بن نقاخة عن عثمان بن الشريد قال: مر عثمان بن عفان علي جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره فقال جبلة لعثمان: " يا نعثل، والله لأقتلنك ولأحملنك علي قلوص جرباء ولأخرجنك الي حرة النار". ثم جاءه مرة أخري وعثمان علي المنبر فانزله عنه " تاريخ الطبري، المجلد الثاني، ص 661

 ويقول أبو بكر بن اسماعيل عن أبيه عن عامر بن سعد قال: كان أول من اجترأ علي عثمان بالمنطق السيئ جبلة بن عمرو الساعدي، مر به عثمان وهو جالس في ندى قومه وفي يد جبلة جامعة، فلما مر عثمان سلم فرد القوم، فقال جبلة: " لمَ تردون علي رجل فعل كذا وكذا!! " قال: ثم أقبل علي عثمان فقال: " والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه ". قال عثمان: " أي بطانة! فوالله اني لأتخير الناس "، فقال: " مروان تخيرته! ومعاوية تخيرته! وعبد الله بن عامر بن كُريز تخيرته! وعبد الله بن سعد تخيرته! منهم من نزل القرآن بدمه، واباح رسول الله دمه "

قال محمد بن عمر: وحدثني ابن أبي الزناد عن موسى بن عُقبة عن أبي حبيبة قال: خطب عثمان الناس في بعض أيامه فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إنك قد ركبت نهابير وركبناها معك، فتب نتب. فاستقبل عثمان القبلة وشهر يديه - قال ابو حبيبة: فلم أر يوماً أكثر باكيا ولا باكية من يومئذ – ثم لما كان بعد ذلك خطب الناس فقام اليه جهجاه الغفاري فصاح: يا عثمان، ألا إن هذه شارف قد جئنا بها، عليها عباءة وجامعة، فانزل فلندرعك العباءة ولنطرحك في الجامعة ولنحملك علي الشارف، ثم نطرحك في جبل الدخان، فقال عثمان: قبحك الله وقبح ما جئت به! قال ابو حبيبة: ولم يكن ذلك منه إلا عن ملإ من الناس، وقام إلي عثمان خيرته وشيعته من بني أمية فحملوه فأدخلوه الدار

محاوله مقتــــــــل عثمان بن عفــــــــــــان
‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 668، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 64‏]‏ يوم الجمعة 8 من ذي الحجة سنة 35 هـ‏.‏
قال ابن عديس لأصحابه‏:‏ لا تتركوا أحدًا يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده‏.‏ وأصرَّ المصريون على قتله‏.‏ وقصدوا الباب فمنعهم الحسن، وابن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان، وسعيد بن العاص، ومن معهم من أبناء الصحابة‏.‏ واجتلدوا ‏اجتلدوا‏:‏ تضاربوا‏.‏ ‏، فزجرهم عثمان وقال‏:‏ أنتم في حلٍّ من نصرتي، فأبوا، ففتح الباب لمنعهم‏.‏ فلما خرج ورآه المصريون رجعوا فركبهم هؤلاء، وأقسم عثمان على أصحابه ليدخلن، فدخلوا، فأغلق الباب دون المصريين‏.‏

فقام رجل من أسلم يقال له نيار بن عياض وكان من الصحابة، فنادى عثمان، فبينا هو يناشده أن يعتزلهم إذ رماه كثير بن الصلب الكندي بسهم فقتله‏.‏ فقالوا لعثمان عند ذلك‏:‏ ادفع إلينا قاتله لنقتله به‏.‏ قال‏:‏ لم أكن لأقتل رجلًا نصرني وأنتم تريدون قتلي‏.‏ فلما رأوا ذلك ثاروا إلى الباب، فلم يمنعهم أحد منه، والباب مغلق، لا يقدرون على الدخول منه، فجاءوا بنار، فأحرقوه‏.‏

وثار أهل الدار وعثمان يصلي قد افتتح ‏[‏طه‏:‏ 1‏]‏، فما شغله ما سمع ما يخطئ وما يتتعتع حتى أتى عليها‏.‏ فلما فرغ جلس إلى المصحف يقرأ فيه وقرأ‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 173‏]‏ فقال لمن عنده بالدار‏:‏ إن رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ قد عهد إليَّ عهدًا فأنا صابر عليه‏.‏ ولم يحرقوا الباب إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه‏.‏
اقتحم الناس الدار من الدورة التي حولها حتى ملؤوها ولا يشعر الذين بالباب ممن وقفوا ‏[‏ص 180‏]‏ للدفاع‏.‏ وأقبلت القبائل على أبنائهم فذهبوا بهم إذ غلبوا على أميرهم وندبوا رجلًا لقتله، فانتدب له رجل فدخل عليه البيت فقال‏:‏ ‏"‏اخلعها وندعك‏.‏‏"‏

فقال‏:‏ ‏"‏ويحك، واللَّه ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام، ولا تغنيتُ ولا تمنيت ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ، ولست خالعًا قميصًا كسانيه اللَّه عز وجل، وأنا على مكاني حتى يُكرم اللَّه أهل السعادة ويُهين أهل الشقاء‏"‏‏.‏ فخرج وقالوا‏:‏ ما صنعت‏؟‏ فقال‏:‏ عَلِقنا واللَّه، واللَّه ما ينجينا من الناس إلا قتله، وما يحل لنا قتله‏.‏

فأدخلوا عليه رجلًا من بني ليث‏.‏ فقال‏:‏ ممن الرجل‏؟‏ فقال‏:‏ ليثي‏.‏ فقال‏:‏ لست بصاحبي‏.‏ قال‏:‏ وكيف‏؟‏ فقال‏:‏ ألست الذي دعا لك النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ في نفر أن تحفظوا يوم كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فلن تضيع، فرجع وفارق القوم‏ ، فأدخلوا عليه رجلًا من قريش، فقال‏:‏ يا عثمان إني قاتلك‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ كلا يا فلان لا تقتلني‏.‏ قال‏:‏ وكيف‏؟‏ قال‏:‏ إن رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ استغفر لك يوم كذا وكذا، فلن تقارف دمًا حرامًا‏.‏ فاستغفر ورجع وفارق أصحابه‏.‏

فأقبل عبد اللَّه بن سلام ‏(أصلاً يهودى) ‏ حتى قام على الباب ينهاهم عن قتله وقال‏:‏
‏"‏يا قوم، لا تسلّوا سيف اللَّه بينكم‏.‏ فواللَّه إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم إن سلطانكم اليوم يقوم بالدرَّة، فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسيف‏.‏ ويلكم إن مدينتكم محفوفة بملائكة اللَّه‏.‏ واللَّه لئن قتلتموه لتتركنها‏"‏ ‏[‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 668، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 64‏]‏‏.‏
فقالوا‏:‏ يا ابن اليهودية، وما أنت وهذا فرجع عنهم‏.‏
وروي عن عبد اللَّه بن عمير عن ابن أخي عبد اللَّه بن سلام قال‏:‏
لما أُريد قتل عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ جاء عبد اللَّه بن سلام فقال له عثمان‏:‏ ما جاء بك‏؟‏ قال‏:‏ جئت في نصرك‏.‏ قال‏:‏ اخرج إلى الناس فاطردهم عني فإنك خارج خير إليَّ منك داخل‏.‏ فخرج عبد اللَّه إلى الناس فقال‏:‏
‏، قالوا‏:‏ اقتلوا اليهودي‏.‏
وكان آخر من دخل عليه ممن رجع إلى القوم محمد بن أبي بكر‏.‏ فقال له عثمان‏:‏
‏"‏ويلك على اللَّه تغضب‏؟‏ هل لي إليك جُرم إلا حق أخذته منك‏؟‏ ورجع‏.‏
فلما خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره، ثار قتيرة وسودان بن حُمران والغافقي فضربه الغافقي بحديدة معه، وضرب المصحف برجله، فاستدار المصحف فاستقر بين يديه، وسالت عليه الدماء‏.‏ وجاء سودان بن حمران ليضربه، فانكبت عليه زوجة عثمان نائلة، واتقت السيف بيدها، فتغمدها ونفح أصابعها‏.‏ فأطن أصابع يدها، فغمز أوراكها، وقال‏:‏ إنها لكبيرة العجيزة‏.‏ وضرب عثمان فقتله، ودخل غلمة لعثمان مع القوم لينصروه، وقد كان عثمان أعتق من كف منهم، فلما رأوا سودان قد ضربه أهوى له بعضهم، فضرب عنقه، فقتله، ووثب قتيرة على الغلام فقتله، وانتهبوا ما في البيت، وأخرجوا من فيه، ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى ‏[‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 676، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 68‏]‏‏.‏
فلما خرجوا إلى الدار وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فقتله، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى تناولوا ما على النساء، وأخذ رجل مُلاءة نائلة، والرجل يدعى كلثوم بن تجيب، فتنحَّت نائلة‏.‏ فقال‏:‏ وَيحَ أمك من عجيزة ما أتمك، وبصر به غلام لعثمان فقتله، وقُتل، وتنادى القوم أبصر رجل من صاحبه وتنادوا في الدار‏:‏ أدركوا بيت المال لا تسبقوا إليه، وسمع أصحاب بيت المال أصواتهم، وليس فيه إلا غِرارتان‏.‏ فقالوا‏:‏ النجاء، فإن القوم إنما يحاولون الدنيا، فهربوا، وأتوا بيت المال، فانتهبوه، وماج الناس فيه، فالتانئ يسترجع ويبكي، والطارئ يفرح، وندم القوم‏.‏
وكان الزبير قد خرج من المدينة، فأقام على طريق مكة لئلا يشهد مقتله‏.‏ فلما أتاه الخبر بمقتل عثمان وهو بحيث هو قال‏:‏ ‏"‏إنا للَّه وإنا إليه راجعون، رحم اللَّه عثمان وانتصر له‏"‏‏.‏ وأتى الخبر طلحة فقال‏:‏ ‏"‏رحم اللَّه عثمان وانتصر له وللإسلام‏"‏‏.‏ وقيل له‏:‏ إن القوم نادمون‏.‏ فقال‏:‏ تبًَّا لهم، وقرأ‏:‏ ‏{‏فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِم يَرْجِعُونَ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 50‏]‏ ‏[‏ص 182‏]‏‏.‏
وأُتِيَ عليٌّ فقيل‏:‏ قُتل عثمان فقال‏:‏ ‏"‏رحم اللَّه عثمان وخلف علينا بخير‏"‏‏.‏ وقيل‏:‏ ندم القوم فقرأ‏:‏ ‏{‏كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 16‏]‏‏.‏ الآية‏.‏ وطُلب سعد فإذا هو في حائطه وقد قال‏:‏ لا أشهد قتله‏.‏ فلما جاء قتله، قال‏:‏ فررنا من المدينة فدنينا وقرأ‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 104‏]‏، اللَّهم أندمهم ثم خذهم ‏[‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 676‏]‏‏.‏
روايـــــــــــــة أخرى لقتل عثمان بن عفـــــــــــان
وفي رواية أخرى ‏[‏الطبري تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص ، 677‏]‏
إن محمد بن أبي بكر تسوَّر على عثمان من دار عمرو بن حزم، ومعه كنانة بن بشر بن عتّاب، وسودان بن حُمران، وعمرو بن الحمق، فوجدوا عثمان عند امرأته نائلة، وهو يقرأ في المصحف ‏{‏سورة البقرة‏}‏ فتقدمهم محمد بن أبي بكر، فأخذ بلحية عثمان فقال‏:‏
قد أخزاك اللَّه يا نَعْثَل ‏[‏نَعْثَل‏:‏ هو اسم رجل قبطي كان بالمدينة، عظيم اللحية يشبهون به عثمان لعظيم لحيته، ولم يكونوا يجدون فيه عيبًا سوى هذا‏]‏‏.‏
فقال عثمان‏:‏ لستُ بنعثل، ولكن عبد اللَّه وأمير المؤمنين‏.‏ فقال محمد‏:‏ ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان‏.‏ فقال عثمان‏:‏ يا ابن أخي دعْ عنك لحيتي فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت عليه‏.‏ فقال محمد‏:‏ ما أريد بك أشد من قبضي على لحيتك‏.‏ فقال عثمان‏:‏ أستنصر اللَّه عليك وأستعين به‏.‏ ثم طعن جبينه بمِشْقَص  في يده‏.‏ ورفع كنانة بن بشر بن عتّاب مشاقص كانت في يده فَوَجَأَ بها  في أصل أذن عثمان، فمضت حتى دخلت في حَلقه، ثم علاه بالسيف حتى قتله‏.‏ وقيل‏:‏ ضرب كنانة بن بشر جبينه ومُقَدم رأسه بعمود، فخرَّ لجنبه‏.‏ وضربه سودان بن حُمران المرادي بعد ما خرَّ لجنبه فقتله‏.‏ ‏.‏

قال ابن الأثير في أسد الغابة عن عمرو ابن الحَمِق‏:‏ وهو أحد الأربعة الذين دخلوا على عثمان الدار وصار بعد ذلك من شيعة عليّ‏.‏ وقيل‏:‏ أول رأس حمل في الإسلام رأس عمرو بن الحمق إلى معاوية‏]‏ فوثب على عثمان فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات وقال‏:‏ أما ثلاث منهن فإني طعنتهن للَّه‏.‏ وأما ست فإني طعنت إياهن لما كان في صدري عليه ‏[‏ص 183‏]‏‏.‏
رواية ثالثة عن مقتل عثمان بن عفان
وعن جدة الزبير بن عبد اللَّه قالت ‏[‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 671‏]‏‏:‏
لما ضربه المشاقص قال عثمان‏:‏ ‏"‏بسم اللَّه توكلت على اللَّه‏"‏، وإذا الدم يسيل على اللحية يقطر والمصحف بين يديه فاتكأ على شقه الأيسر وهو يقول‏:‏ ‏"‏سبحان اللَّه العظيم‏"‏ وهو في ذلك يقرأ المصحف والدم يسيل على المصحف حتى وقف الدم عند قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 137‏]‏‏.‏ وأطبق المصحف وضربوه جميعًا ضربة واحدة‏.‏ فضربوه واللَّه بأبي وهو يحيي الليل في ركعة، ويصل الرحم، ويُطعم الملهوف، ويحمل الكَلَّ، فرحمه اللَّه‏"‏‏.‏

رواية رابعه عن مقتل عثمان بن عفان

وعن الزهري قال ‏[‏ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 68‏]‏‏.‏
قُتل عثمان عند صلاة العصر، وشدَّ عبدٌ لعثمان أسود على كنانة بن بشر فقتله‏.‏ وشدَّ سودان على العبد فقتله‏.‏ ودخلت الغوغاء دار عثمان فصاح إنسان منهم‏:‏ أيحل دم عثمان ولا يحل ماله‏؟‏ فانتهبوا متاعه‏.‏ فقامت نائلة فقالت‏:‏ لصوص ورب الكعبة‏!‏ يا أعداء اللَّه ما ركبتم من دم عثمان أعظم‏.‏ أما واللَّه لقد قتلتموه صوَّامًا قوَّامًا يقرأ القرآن في ركعة‏.‏ ثم خرج الناس من دار عثمان فأغلق بابه على ثلاثة قتلى هم ‏:‏ عثمان‏.‏ , وعبد عثمان الأسود‏.‏
, كنانة بن بشر‏.‏
وقد اختلف الرواة في حكاية محمد بن أبي بكر فذكر بعضهم أنه طعن جبين عثمان بمشقص كان في يده‏.‏ وقيل‏:‏ إن عثمان لما أمسك محمد لحيته قال له عثمان‏:‏ أستنصر اللَّه عليك وأستعين به فتركه‏.‏ وابن الأثير يرجح أنه تركه ولم يضربه‏.‏
وذكر ابن الأثير ‏[‏ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 67‏]‏ أنهم أرادوا قطع رأسه فوقعت نائلة عليه وأم البنين، فصحن وضربن الوجوه‏.‏ فقال ابن عديس‏:‏ اتركوه‏.‏ وأقبل عمير بن ضابئ فوثب عليه وكسر ضلعًا من أضلاعه وقال‏:‏ سجنت أبي حتى مات في السجن‏.‏
وبلغ الخبر عليًا وطلحة والزبير وسعدًا فخرجوا وقد ذهبت عقولهم للخبر حتى دخلوا على عثمان فقال عليّ لابنيه‏:‏ كيف يقتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب، ورفع يده فلطم الحسن، وضرب الحسين على صدره‏.‏ وشتم محمد بن طلحة وعبد اللَّه بن الزبير، وخرج وهو غضبان ‏[‏ص 184‏]‏ حتى أتى منزله فجاء الناس يهرعون إليه يريدون مبايعته فقال‏:‏ ‏"‏واللَّه إني لأستحي أن أبايع قومًا قتلوا عثمان، وإني لأستحي من اللَّه تعالى أن أبايع وعثمان لم يدفن‏"‏‏.‏ فافترقوا، وتمت البيعة له
وصف لمقتل عثمان بن عفان حينما كان يقرآ القرآن الذى أخترعه
لم يتوقع أحد من الصحابة أن يُقتل عثمان‏.‏ أما الحسن والحسين ومن معهما فقد كانوا يحرسون بابه، ولكن القتلة تسوَّروا عليه من دار مجاورة لداره‏.‏ لقد قتلوه قتلة شنيعة ترتعد منها الفرائص، ومثلوا به وهو يتلو القرآن، وكانت تلاوة القرآن نوعًا من العبادة، فضربه بعضهم بحديدة، وبعضهم ضربه بمشقص، وطعنه آخر بتسع طعنات، وكسر الآخر ضلعًا من أضلاعه‏.‏ ولم يكتفوا بذلك بل تعدوا على امرأته المخلصة بالسيف وببذيء الكلام، وأرادوا قطع رأسه بعد أن فارق الحياة، ونهبوا أمتعة المنزل وما في بيت المال، ومنعوا عنه الماء أثناء الحصار حتى ‏[‏ص 185‏]‏ ‏.‏
من الذين قتلوا عثمــــــان ؟
‏ والذين هجموا عليه واشتركوا في دمهم، منهم محمد بن أبي بكر، ورفاعة بن رافع، والحجاج بن غزنة، وعبد الرحمن بن خصل الجمحي، وكنانة بن بشر النخعي، وسندان بن حمران المرادي، وبسرة بن رهم، ومحمد بن أبي حذيفة، وابن عتيبة، وعمرو بن الحمق الخزاعي‏.‏

ترك جثة عثمان بن عفان  بلا دفن لمدة ثلاثة ايام

‏[‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 687، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 69‏]‏‏:‏

قيل‏:‏ بقي عثمان ثلاثة أيام لم يدفن، ثم إن حكيم بن حزام وجبير بن مطعم، كلَّما عليًا في أن يأذن في دفنه، فقعدوا له في الطريق بالحجارة، وخرج به ناس يسير من أهله وغيرهم، وفيهم الزبير والحسن وأبو جهم بن حذيفة ومروان بين المغرب والعشاء، فأتوا به حائطًا من حيطان المدينة يسمى حَش كوكب ‏[‏الحش‏:‏ البستان‏.‏ وحَش كوكب‏:‏ موقع إلى جانب بقيع الغرقد بالمدينة‏]‏‏.‏ وهو خارج البقيع فصلَّى عليه جبير بن مطعم، وخلفه حكيم بن حزام، وأبو جهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم الأسلمي، وجاء ناس من الأنصار ليمنعوا من الصلاة عليه، ثم تركوهم خوفًا من الفتنة‏.‏
وعن الربيع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه قال‏:‏ كنت أحد حملة عثمان بن عفان حين توفي حملناه على باب، وإن رأسه يقرع الباب لإسراعنا به، وإن بنا من الخوف لأمرًا عظيمًا، حتى واريناه في قبره في حش كوكب‏.‏
وأرسل عليّ إلى من أراد أن يرجم سريره ممن جلس على الطريق لما سمع بهم فمنعهم عنه‏.‏
ونزل في قبره، بيان وأبو جهم وحبيب، وقيل‏:‏ شهد جنازته علي وطلحة وزيد بن ثابت، وكعب بن مالك، وعامة من أصحابه‏.‏
وعن الحسن قال‏:‏ شهدت عثمان بن عفان دفن في ثيابه بدمائه، وفي البخاري أنه لم يغسل‏.‏

مدة حياه عثمان بن عفان

‏[‏الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 689‏]‏‏:‏
كانت مدة حياة عثمان على المشهور 82 سنة‏.‏ قال الواقدي‏:‏ لا خلاف عندنا أنه قُتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وهو قول أبي اليقظان‏.‏
الوالى الذى أرسله عثمان سنة وفاته  لحكم مصر هو ولاية عبدالله بن سعد بن أبي سرح على مصر‏ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 75‏]‏‏:‏

أقوال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  في مقتل عثمان

  • عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل، فقال: يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان بن عفان.
  • عن كعب بن عجرة، قال: ذكر فتنة، فقربها فمر رجل مقنع رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يومئذ على الهدى، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله فقلت: هذا؟ قال: هذا.
  • عن مرة البهزي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال -بهز من رواة الحديث- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'تهيج فتنة كالصياصي، فهذا ومن معه على الحق'. قال: فذهبت فأخذت بمجامع ثوبه، فإذا هو عثمان بن عفان . 

عن أبي الأشعث قال: قامت خطبة بإيلياء في إمارة معاوية فتكلموا، وكان آخر من تكلم مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها فمر رجل مقنع فقال: هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى، فقلت هذا يا رسول الله ؟ وأقبلت بوجهه إليه فقال: هذا، فإذا هو عثمان .

Read 11720 times