فى 17 يوليو عام 1936 م نشبت حرب أهلية فى أسبانيا ، بين الجمهوريين والقوميين نتيجة الانقلاب على الشرعية الجمهورية الإسبانيةفي مدريدالذي قام به مجموعة من العسكر بقيادة الجنرال "مولا" في الشمال، والجنرال فرانشيسكو فرانكوفي المغربوالجنرال "كييبو دي يانو" في أندلسيا، قاد خلالها الجنرال الأسبانى القومى إميليو مولا قوات الجيش فى أربع فرق أو أربع طوابير عند انتظام القوات ، وقد صرح لأحد الصحفيين وقتها أنه بتقدم قواته المكونه من أربع فرق أو طوابير ، فسيقوم طابوره الخامس الموجود بالمدينة بدعمه وتقويض الحكم الجمهورى من الداخل ، ثم انتشر المصطلح وقتها فى أسبانيا ، واستخدم ارنست هيمنجواى الروائى المشهور هذا الإسم لمسرحيته الوحيدة الطابور الخامس fifth column والتى كتبها فى مدريد تحت القصف ، ثم نشرت فى عام 1938 ، بعد انتهاء الحرب بشهور قليلة .
ومع وضع الأساس التاريخى للمصطلح فى الأذهان ، قام بعض الكتاب باستخدامه للإشارة الى العمليات العسكرية بدلاً من توسيع نطاقه ليشمل حتى المتعاطفين من الداخل أو الداعمين لأى هجوم أجنبى يقوم به عدو محتمل ، إلا أن الكاتبه مادلين البرايت أشارت فى السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية بهذا المصطلح الى المتعاطفين مع الغزو الألمانى لتشيكوسلوفاكيا مشيرة الى أن الكثيرين فى الجنوب يمكن اعتبارهم طابوراً خامساً .
فقد شكلت الأقليات الألمانية فى تشيكوسلوفاكيا ما سُمى بالفيلق الألمانى الحر ، الذى قدم المساعدة للرايخ الثالث الألمانى ، بعد أن إدعوا أنهم تشيكلات للدفاع عن النفس أو مايسمى فى أدبيات الثورة المصرية باللجان الشعبية ، وقد تشكلت هذه اللجان بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ، لتنضم للألمان بعد عقدين من الزمان ، وقد تشكلت فرق ومنظمات أخرى فى بعض البلدان الأوروبية ، لعبت نفس الدور الذى لعبته فى تشيكوسلوفاكيا خلال عامى 1938 و 1939 ، وقد لعبت فيالق هنلاين الحرة نفس الدور كجزء من الطابور الخامس ، وقد استخدمت ألبرايت هذا المصطلح للإشارة إلى ما لم يحدث ، إذ لم يلقى الغزو الألمانى لتشيكوسلوفاكيا أى مقاومة عسكرية على الإطلاق ، مما لا يمكن معه وصف هذه الفرق بالطابور الخامس من الناحية العسكرية .
ومع نهاية عقد الثلاثينات وتوقع تورط الولايات المتحدة فى الحرب الطاحنة فى أوروبا ، ومع تزايد المخاوف من الخيانة الداخلية ، تم استخدام المصطلح إختزالاً لمعنى الفتنة والخيانة ، ومع هزيمة فرنسا فى وسقوطها فى يد النازى عام 1940 ، ألقى الكثيرون باللوم على الطابور الخامس بدلاً من ضعف القوات الفرنسية أمام التفوق الألمانى ، فألقت القوى السياسية باللوم على بعضها كسبب لهزيمة الأمة ، بينما ألقى القادة العسكريون باللوم على الزعماء المدنيين ، وهو ما ساعد أكثر على تغذية مخاوف أمريكا وقادها عند تورطها فى الحرب ضد ألمانيا وحليفتها اليابان ، الى اعتقال كل الألمان واليابانيين فى أمريكا ووضعهم فى معسكرات كبيرة ، خوفاً من الخيانة والهزيمة ، وفى يونيو من عام 1940 امتلأت الشوارع بصور ولافتات تحذر من الطابور الخامس الألمانى ، ونشرت مجلة تايم بعدها فى شهر يوليو ما يفيد بان الحديث عن الطابور الخامس أصبح ظاهرة وطنية ، واشارت النيويورك تايمز فى أغسطس من نفس العام الى أن الموجة الأولى من المخاوف التى يثيرها الطابور الخامس لا تنجح إلا فى البلاد الأقل حظاً وثروة ، والمناصرة للحكم الإستبدادى مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا والنرويج وهولندا ، وهى البلدان التى تمكن النازى من السيطرة عليها .
وفى عام 1940 أيضاً قام الصحفى البريطانى جون لانجدون الذى قام بتغطية الحرب الأسبانية بنشر المصطلح بصورة كبيرة فى سلسلة من المقالات تحت عنوان الطابور الخامس ، لتتلقف النييورك تايمز الفكرة وتحولها الى ثلاث قصص كارتونية مصورة تحت نفس الإسم فى 11 أغسطس عام 1940 .
فى عام 1945 قارنت وثيقة من الخارجية الأمركية بين الجهود النازية الألمانية لحشد الدعم المعنوى من المتعاطفين معها فى الدول الأجنبية ، وبين الجهود المبذولة من الحركة الشيوعية العالمية فى نهاية الحرب العالمية الثانية ، وذكرت الوثيقة أن الحزب الشيوعى كان فى الحقيقة طابوراً خامساً مثله مثل أى تجمع ألمانى ، وأن هذه التجمعات الألمانية كانت خاملة مقارنة بمثيلتها الشيوعية ، وكتب آرثر شليزنجر فى عام 1949 : أن ما يميز التفوق السوفيتى بالإضافة الى قوتها العسكرية ، هو قوة الطابور الخامس الذى يتكون من الأحزاب الشيوعية المحلية .
وفى اليابان يعيش مجموعة من الكوريين الشماليين يتبعون لإحدى المنظمات الكورية الشمالية ( شونجريون ) التابعة لحكومة كوريا الشمالية ، يرى كثير من اليابانيين أنهم طابوراً خامساً ، ويتعرضون للكثير من الإعتداءات اللفظية والجسدية من اليابانيين ، منذ أن اعترفت حكومة كيم يونج الكورية بخطفها لمجموعة من اليابانيين ، ولإجرائها بعض التجارب على الصواريخ الباليستية .
وفى إسرائيل ينظر للكثير من الصحفيين والسياسيين والحاخامات المتعاطفين مع القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينين على أنهم طابور خامس ، رغم أن هناك من عرب 48 فى إسرائيل ما يمثل 20 % من عدد سكان إسرائيل .
وفى فترة تكوين الدولة الإسرائيلية ومع هجرة اليهود العرب اليها ، كان ينظر الى من بقى منهم وخصوصاً فى مصر ، على أنهم طابور خامس يعمل لصالح الدولة الوليدة .
وفى مصر أيضاً بعد ثورة 25 يناير مباشرة ، تم استخدام مصطلح جديد يحمل نفس المعنى وهو مصطلح ( الفلول ) كجهة تسعى الى سرقة الثورة وقيادة الثورة المضادة لصالح النظام القديم ، ثم عاد المصطلح نفسه للظهور مرة أخرى عقب عزل الرئيس مرسي فى 3 يوليو 2013 ، واتهام كل المؤيدين له وللعملية الديموقراطية بأنهم طابور خامس ، حتى ولو لم ينتموا الى جماعة الإخوان المسلمين .
والطريف أنه فى عام 1949 قام كاتب الخيال العلمى روبرت هاينلاينز بكتابة رواية أسماها ( الطابور السادس ) يصف فيها حركة مقاومة خفية تتصدى للإحتلال الآسيوى القمعى للشعب الأمريكى ، تضمنت الرواية العديد من الإشارات للحقبة الأسبانية التى نشأ فيها المصطلح ، كمقارنة من وجهة نظر المؤلف بين تلك التجمعات الخائنة وبين تلك التى تدافع عن الراية الوطنية .