إميل تيودور كوخر | جائزة نوبل فى الطب فى عام 1909م

إميل تيودور كوخر (Emil Theodor Kocher ) طبيب وجراح سويسرى وباحث طبى حصل على جائزة نوبل فى الفسيولوجيا أو الطب فى عام 1909 ، تقديراً لأبحاثه عن وظائف الأعضاء وعلم الأمراض وجراحة الغدة الدرقية ، ومين بين العديد من إنجازاته العلمية طرحه وترويجه لفكرة التعقيم وإجراء الجراحة على أسس علمية وتقليل حالات الوفاة لمصابى الغدة الدرقية لأقل من 1 % . وهو أول مواطن سويدى وأول جراح يحصل على جائزة نوبل ، ويمكن إعتباره من أهم رواد الجراحة فى عصره .

 ولد تيودور كوخر فى 25 أغسطس 1841 فى مدينة برن الألمانية ، كان والده ( ياكوب ألكسندر كوخر 1814 – 1893  ) السادس بين سبعة أخوة ،  مهندساً فى هيئة خطوط السكك الحديدية ، انتقل فى عام 1845 الى بورجدورف ، وأصبح رئيساً لمهندسي الطرق والمياه فى إقليم برن وهو بسن 34 عاماً ، وقد ترك الخدمة الحكومية وعمل كمهندس حر فى عام 1858 فى مشروعات قريبة من برن ، مما جعله يقضى وقتاً طويلاً فى العمل بعيدا ًعن أسرته .

أما والدة تيودور ( ماريا كوخر 1820 – 1900 ) فكانت متدينة وتنتمى لكنيسة مورافيان ، أنجبت خمسة أولاد وبنت ، كانت ترتيب تيودور الثانى بين الأبناء  ، وكان لرعايتها واهتمامها به بالغ الأثر فى عبوره لمراحل التعليم المختلفه حتى الجامعة ، وتعويض فترات غياب الأب .

 انتقل تيودور مع أسرته فى عام 1845 الى بورجدورف حيث التحق هناك بالمدرسة التى كان الأول فيها على صفه ، قبل أن ينتقل مرة أخرى الى برن وهو على أعتاب المرحلة الثانوية عام 1858 ، خلال هذه الفترة كان متعدد الإهتمامات والهوايات وكان يحب الرسم الكلاسيكى ويرغب فى أن يكون فناناً ، لكنه قرر فى النهاية أن يصبح طبيباً .

بدأ دراسته فى جامعة برن  بعد الحصول على الثانوية من السويد عام 1858 ، وهناك درس له العالمان ( أنتون بيرمر وهيرمان أسكان ديما ) فتأثر بهما كثيراً ، وحصل على درجة الدكتوراه فى عام 1885 من برن ، مع مرتبة الشرف وكانت أطروحته عن الإلتهاب الرئوى الخانق ، وفى ربيع نفس العام التحق بإستاذه ( بيمر ) الى زيوريخ عندما كان ( تيودور بيلروث ) مديراً للمستشفى التى عمل بها كوخر ، ثم شرع فى رحلة عبر أوروبا لمقابلة أشهر الجراحين فى ذلك الوقت ، لم يعرف مصدر تمويل هذه الرحلة وإن كانت احدى الصحف قد ذكرت فى عام 1981 أن فتاة سويسرية هى من قامت بتمويل هذه الرحلة وكانت من المنتميات لكنيسة والدته فى مورافيان .

التحق كوخر بجامعة ستراسبورج بعد أن دعاه ( لوقا ) أستاذ الجراحة العامة ومدير قسم الجراحة الإكلينيكية فى جامعة برن وذلك فى عام 1872 ، وظل فى هذا الموقع رغم العديد من عروض الجامعات الأجنبية الأخرى ، كمساعد للوقا ومحاضر خاص ، منذ 1866 قام بنشر بحث تجريبى عن تخثر الدم عن طريق التواء الشرايين ، وعبر بعض الدراسات التشريحية اكتشف طريقة جديدة لعلاج آلام الكتف تم استخدامها لعلاج حالات كثيرة  .

وعندما بدأ كوخ نشاطه كجراح كان قد تم التوصل للمطهرات التى تمنع الإلتهابات فى الأنسجة بعد الجراحة ، وهو ما ساعده على العمل بكفاءة فيما بعد ، باستخدام محلول مخفف من الكلور ، فى عام 1875  ، وظهرت أيضاً خيوط جراحية لتضميد الجروح بدلاً من الإعتماد على طريقة تركيب أنابيب لصرف القيح من الجروح كما كان متبعاً قديماً ، ولفترة طويلة أصبحت عيادته الجراحية فى برن ملجأ للكثيرين من الأطباء ممن يفضلون الجراحة المعقمة ويودون اللحاق بركبها .

وأصبح كوخر من أوائل من يدققون فى مسألة التعقيم إذ كانت لديه فرص أفضل ليتعلم من تعاونه مع عالم البكتيريولوجيا ( تافل ) الذى تعمق فى دراسة إنتقال العدوى ونشرا سوياً مجموعة من المحاضرات عن أمراض الجراحية المعدية فى عام 1892 و 1900 .

طلب من كوخر أن يعطى دورات طبية للأطباء العسكريين ، فكان من الطبيعى أن يتم العمل على إصابات وجروح الطلقات النارية ، مما أسهم كثيراً فى تأسيس نظرية جديدة حول تأثير القذائف أو الطلقات على الأنسجة ، خصوصاً الطلقات الصغيرة ذات السرعة العالية ، تسللت بعض هذه الأفكار الى الصحف العلمية السويسرية وغيرها ، فقدم محاضرة فى المؤتمر الطبى العام بروما فى أبريل 1874 لتحسين المقذوفات من وجهة نظر إنسانية ، وعملين آخرين كبيرين  هما ( جروح الأعيرة النارية ) 1880 ، ( نظرية جروح الطلقات ذات العيار الصغير ) 1895 .

ومن أعماله الأخرى الهامه ( التهاب العظام الحاد ) 1878 ، نظريته عن الفتاق ( دراسة تجريبية سريرية 1877 ) ، والتى أشار فيها الى العديد من القواعد الطبية لتجارب عديدة ، وهى ما سميت بـ ( نظرية التوسع ) والتى كانت لها أهمية كبيرة فى علاج إنسداد الأمعاء أيضاً ، ونشر فيها طريقته الثورية لعملية الفتق ، تبين إنشغاله الكبير بالعمليات الجراحية لأجهزة البطن المختلفة .

وقام بوصف إجراء جديد فى عمليات الإستئصال الجزئى للمعدة ، وجراحة المستقيم والإثنى عشر والعصعص أو الناصور ، وتمكن من إزالة جزء من العجُز (عظم كبير مثلث الشكل يقع في قاعدة العمود الفقري في الجزء الخلفي العلوي من الحوض ومتموضع بشكل يشبه الإسفين بين العظمين الوركيين ويرتبط في الأسفل مع العصعص وفي الأعلى مع الفقرة القطنية الخامسة ) فى عام 1874 م  ، وكانت لديه محاولات أخرى لعلاج السرطان ، والعلاج الجراحى لألام المعدة 1909 ، وكذلك للقناة المرارية وإستئصال حصوة المرارة وجراحة الإثنى عشر ومئات العمليات على القناة المرارية وغيرها من الجراحات .اميل تيودور كوخر  أثناء عملية جراحية عام 1900

وطبع كتابه ( نظرية الأعمال الجراحية ) ست طبعات وترجم الى معظم اللغات الحية ، وصف فيه العديد من العمليات ومعظمها عمليات جراحية فى البطن والمفاصل ، وناقش فى كتابه ( أمراض الغدة الدرقية ) مسببات إنتفاخ أو تضخم الغدة وطرق علاجها ، مما أثار جدلاً كبيراً فى أوساط علم وظائف الأعضاء وعلاج الغدة الدرقية .

كان كوخر عضوا فخريا في العديد من الأكاديميات والجمعيات الطبية ، على سبيل المثال جمعية الجراحين الألمانييين ، وزميل فخري في الكلية الملكية للجراحين ، دكتوراه في القانون من جامعة ادنبره ، وعضو فخري في الجمعية الملكية للعلوم ، وعضو فخري في جمعية الجراحين الأمريكيين ، من أكاديمية نيويورك للطب وكلية الطب فى فيلادلفيا ، والأكاديمية الإمبراطورية الطبية العسكرية ، و جامعة سانت بطرسبورغ ، وأكاديمية الطب فى تورينو ، والجمعية الطبية الإمبراطورية فى القسطنطينية ، والجمعية الملكية الطبية في فيينا ، الجمعية الملكية للطب الجراحي ، لندن ، والجمعية الطبية فى لندن ، والجمعية الكيميائية ، لندن ، والجمعية الطبية فى فنلندا ، وكان عضو مراسل لجمعية جراحي باريس والجمعية الملكية للعلوم الطبية والطبيعية في بروكسل ، للأكاديمية البلجيكية للطب، والجمعية الألمانية لأطباء الأعصاب فى برلين، وفي عام 1902 كان رئيسا للجمعية الألمانية للجراحين في برلين ورئيس المؤتمر الدولي الأول للعمليات الجراحية ، عام 1905، في بروكسل.

تحصل فى عام 1909 على جائزة نوبل لعمله على جراحات الغدة الدرقية ، وبعد ثلاث سنوات تبرع بمبلغ 20 ألف فرنك سويسرى لمعهد بحوث الأحياء بجامعته .

تزوج كوخر من ( مارى وتشى ) وأنجب منها ثلاثة أولاد ، أصبح أكبرهم ( ألبرت 1872 – 1941 ) أستاذ جراحة مساعد وساعد والده فى عمله حتى وفاة كوخر فى برلين فى 27 يوليو 1917 .

المصدر : موقع جائزة نوبل 

Read 1424 times