التطورات السياسية
ـ شكل وزارته الأولى في عهد والده (١٠ مارس ١٨٧٩- ٧ إبريل ١٨٧٩)، وكانت تضم وزيرين أوروبيين، ولم تدم طويلاً، فقد احتدم الخلاف بينها وبين مجلس شورى النواب، واستهدفت لحركة معارضة انتهت بسقوطها وتأليف وزارة محمد شريف الأولى.
ـ عندما تولى الخديوي توفيق الحكم خلفًا لوالده، استقالت نظارة شريف الأولى (٧ إبريل- ٥ يوليه ١٨٧٩)، ولكن الخديوي طلب منه تأليف نظارة جديدة، فألفها في (٥ يوليه ١٨٧٩)، ولكنه اشترط على الخديوي أن تحكم وزارته بمقتضى دستورًا جديدًا، وحينما قدم شريف ملامح الدستور الجديد مشتملاً على وجود مجلسًا للنواب، يكون له الرقابة على إدارة الدولة، رفض الخديوي توفيق ذلك، مما أدى إلى استقالة شريف باشا.
ـ رأس وزارته الثانية (١٨ أغسطس ١٨٧٩- ٢١ سبتمبر ١٨٧٩)، ولم تستمر طويلاً بسبب التدخل الأوروبي .
ـ بيع في عهده حصة مصر في أرباح قناة السويس (١٥%)، وكانت مرهونة لبعض الماليين الفرنسيين منذ عهد إسماعيل، وبذلك فقدت مصر ما تبقى لها من الفائدة المادية للقناة.
ـ حاول الخديوي توفيق استرضاء الأوروبيين، فنفى المصلح السياسي جمال الدين الأفغاني، وفرض العديد من القيود المالية التي طالب بها دائنو مصر، وذلك بموجب قانون التصفية الصادر عام ١٨٨٠، الذي خصص أكثر من نصف إيرادات مصر لصالح الدين العام، وبذلك تمكن الأجانب من السيطرة على الاقتصاد المصري .
ـ تذمر الضباط المصريون في عهده من اضطهاد عثمان رفقي وزير الجهادية (الحربية) الجركسي، وإجحافه بحقوقهم وتفضيل الجراكسة والأتراك عنهم، مما دفعهم إلى تقديم عريضة لمصطفى رياض -رئيس النظار- في فبراير ١٨٨١، للمطالبة بعزله. وبالرغم من تدبير مؤامرة للقبض على مقدمي العريضة واحتجازهم، إلا أن زملاءهم تمكنوا من إطلاق سراحهم، وذهب الجميع إلى قصر عابدين وطلبوا من الخديوي عزل وزير الحربية، واضطر الخديوي إلى عزله، وتعيين محمود سامي البارودي وزيرًا للحربية.
قام أحمد عرابي باشا بثورة ٩ من سبتمبر ١٨٨١م، وكان من مطالبه: عزل رياض باشا، وتشكيل مجلس النواب، وزيادة عدد الجيش إلى ١٨ ألف جندي، فبادر الخديوي بعزل الوزارة، وكلف شريف بتشكيل وزارة جديدة، فكون وزارة وطنية في ١٤ من سبتمبر ١٨٨١، فبدأ الاستعداد لإجراء انتخابات النواب، وشرع شريف في وضع دستور للبلاد، يتضمن توسيع اختصاصات المجلس، وجعل الوزارة مسئولة أمامه، وغير ذلك من المزايا، عدا حق المجلس في مناقشة الميزانية حتى لا يؤدى ذلك لاحتجاج إنجلترا وفرنسا ويفتح الباب للتدخل الأجنبي.
اعترض أعضاء المجلس على عدم إعطائهم حق مناقشة الميزانية، وطالبوا بهذا الحق، بينما اعترض المراقبان الأجنبيان إعطاء المجلس هذا الحق، لأنه يعنى مسئوليتهما أمام مجلس النواب، وأسرعت إنجلترا وفرنسا بتعضيد موقف المراقبين، وأرسلتا للخديوي مذكرة مشتركة تبلغاه فيها رغبتهما في مساعدته للتغلب على المصاعب الداخلية والخارجية.
قدم شريف باشا استقالته نتيجة للخلاف مع مجلس النواب، فعهد الخديوي توفيق لمحمود سامي البارودي بتأليف الوزارة، وعين أحمد عرابي وزيرًا للحربية، ووضع البارودي برنامجًا للإصلاح، وأعلن عن عزمه على التصديق على الدستور الذي أقره الوطنيون.
أرسلت إنجلترا وفرنسا أسطولهما للإسكندرية، وقدمتا مذكرة جديدة (٢٥ مايو ١٨٨٢) تطالب فيها بإقالة وزارة البارودي، وإبعاد أحمد عرابي عن مصر، وعبد العال حلمي وعلي فهمي للأرياف.
استقال البارودي احتجاجًا على قبول الخديوي للمذكرة المشتركة الثانية، ورفض الضباط الثلاثة تنفيذ الأوامر بالخروج من القاهرة، وإزاء ذلك اضطر الخديوي إلى إبقاء عرابي في مركزه أمام تهديد حامية الإسكندرية، وطالب رؤساء الأديان بإبقاء عرابي وزملاؤه.
تطورت الحوادث بحدوث مذبحة الإسكندرية (١١ يونيه ١٨٨٢)، ذهب ضحيتها عدد من المصريين والأجانب، وتألفت وزارة جديدة برئاسة راغب باشا، وظل عرابي وزيرًا للحربية، ولكن الوزارة الجديدة فشلت في إعادة الهدوء للبلاد.
تذرعت إنجلترا بإصلاح العرابيين لطوابي الإسكندرية، وقامت بضرب الإسكندرية في ١١ من يوليه ١٨٨٢. وأقام عرابي التحصينات في دمنهور وكفر الدوار لصد الإنجليز، وعزم على ردم قناة السويس لمنع دخول الإنجليز عن طريقها، ولكن ديليسبس وعده بمنع الأسطول الإنجليزي من المرور في قناة السويس، اعتمادًا على حيادها، ولكنه لم يف بوعده، فنقل عرابي تحصيانته إلى التل الكبير لوقف زحف الإنجليز الذين نزلوا في الإسماعيلية.
ساءت أحوال العرابيين بسبب ضعف الجيش، وحل الإنهاك به عقب وصوله للتل الكبير، فضلاً عن إعلان السلطان العثماني عصيان عرابي، كما أن الخديوي توفيق أعلن عزله، ودعا إلى عدم مقاومة الإنجليز، بالإضافة إلى ذلك خيانة بعض الضباط. وعلى ذلك دخل الإنجليز القاهرة بدون مقاومة في ١٤ من سبتمبر ١٨٨٢، واضطر عرابي إلى التسليم.
تمخض عن الثورة العرابية في عهده إلى الاحتلال البريطاني لمصر عام ١٨٨٢، كما فشل الجيش المصري في عهده في كبح الثورة المهدية في السودان عام ١٨٨١ وضياع السودان من مصر (١٨٨٤-١٨٨٥)
من أهم الأعمال التي قام بها الخديوي توفيق على سبيل المثال لا الحصر:
يرجع إليه الفضل في تنظيم مخصصات الأسرية الخديوية، فألغى مخصصات والدته وحرمه، واكتفى بمبلغ مائة ألف جنيه لمخصصاته السنوية.
أول من تنازل من أفراد الأسرة المالكة عن أطيانه، لدفع الدين المطلوب من الحكومة.
كان مهتمًا بنشر التعليم منذ كان وليًا للعهد، فأنشأ مدرسة القبة على نفقته الخاصة. وعندما تولى الحكم أصدر مرسومًا في ٢٧ مايو ١٨٨٠ بتأليف لجنة للبحث في تنظيم التعليم وشئونه، واقترحت اللجنة تأسيس مدرسة عليا للمعلمين لتخريج أساتذة، كما اقترحت زيادة عدد المدارس، فأنشأت كثير من معاهد التعليم الابتدائية والثانوية والعالية. وقد افتتحت المدرسة العليا للمعلمين في عهده، وأنشئت مدرسة مسائية للتعليم. وأنشأت الحكومة المجلس الأعلى للمعارف في ٢٨ مارس ١٨٨١.
أنشئ في عهده مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، ومجالس المديريات عام ١٨٨٣.
أصدر لائحة الموظفين المدنيين التي تضمن لهم حقوقهم في المعاش ، وأردفها بلائحتي المعاشات الملكية والعسكرية.
ألغى السخرة، وأمر بإصلاح المساجد والأوقاف الخيرية.
استدان بمبلغ مليون جنيه لإصلاح القناطر الخيرية. وبدأ بحفر الرياح التوفيقي في أوائل عام ١٨٨٧، وانتهى العمل في عام ١٨٨٨. ووضع أساس قنطرة فم الرياح ١٨٨٧، وانتهى العمل فيها عام ١٨٩٠. وعدل فم الرياح المنوفي لزيادة فتحاته، كذلك فم رياح البحيرة أضيف إلى مبانيها فتحتان. وصدرت لائحة تنظيم أعمال الري وتوسيع نطاقها.
أنشئ في فترة توليه الحكم العديد من الشركات والبنوك الأجنبية، فمن البنوك بنك الأنجلو اجبسيان، وأنشأ بنك الخصم والقطع الإيطالي (١٨٨٧). ومن الشركات الشركة المساهمة الأمريكية التي تكونت عام ١٨٨١ لتوصيل التليفون بين القاهرة والإسكندرية، وقد تحولت هذه الشركة إلى شركة التليفون الشرقية عام ١٨٨٢ واتسع نشاطها بعد ذلك. ومن الشركات التي توطدت أعمالها في مصر شركة ترام القاهرة، وشركة النور، وشركة ترام الإسكندرية، وسكة حديد الدلتا، وشركة البواخر النيلية. ومن شركات الأرض التي تكونت: شركة الأراضي والرهونات بمصر ١٨٨٠، والبنك العقاري المصري ١٨٨٠، وشركة أبوقير ١٨٨٧ لردم أراضي بحيرة أبوقير وإعدادها للزراعة، وغير ذلك من الشركات.
حريمه وأبناؤه
حين بلغ الحادية والعشرين من عمره اقترن بالأميرة أمينة ابنة إلهامي باشا، نجل عباس الأول، ورزق منها بعباس حلمي الثاني (الخديوي فيما بعد)، ثم الأمير محمد علي، فالأميرات نازلي (١٨٧٧- ١٨٧٩)، وخديجة (٢ من مايو ١٨٧٩)، ونعمت (٤ من نوفمبر ١٨٨١).
أدركته المنية في ٧ يناير ١٨٩٢.