ـ تولى منصب الدفتردارية عام ١٨٠٧ (مفتشًا للحسابات) وذلك بالفرمان السلطاني الصادر في ١٣ سبتمبر ١٨٠٧، تقديرًا لما بذله محمد علي من جهود في إجلاء الحملة الإنجليزية عن مصر. وكانت وظيفة إبراهيم أن يجمع ما يمكنه من أموال من الشعب، لذلك كان مكروهًا من ملتزمي الأراضي، حيث كان يجردهم من أموالهم .
ـ تولى حكم الصعيد في إبريل ١٨١٢ وجمع بين هذا المنصب ومنصب الدفتردارية، ثم جاءه فرمان آخر بإمارة الصعيد مرة أخرى في ١٢ يونيه ١٨١٣، وذلك تقديرًا من السلطان العثماني لمحمد علي ورجاله بعد استرجاع مكة والمدينة من أيدي الوهابيين، واستمر في هذا المنصب حتى أواخر عام ١٨١٦، حيث سافر على رأس حملة للحجاز بعد وفاة أخيه أحمد طوسون.
ـ طرد إبراهيم باشا المماليك من القاهرة، ودفعهم إلى أعماق الصعيد، كما أخضع البدو، وأعاد النظام والأمن في البلاد، عقب مذبحة القلعة ١٨١١م ، شغل منصب مأمور مساحة القطر المصري عام ١٨١٣، وبناء على توجيهات والده قام بحصر الأراضي الزراعية، حتى يمكن للدولة من فرض ضرائب سنوية عليها، وإيجاد مورد إضافي لخزينتها، فقام بإعداد دفاتر مساحة تعد من أهم أعمال والده العمرانية، حيث حددت مساحة أطيان القطر، وحدودها وأحواضها، ومساحة كل بلد، وكذلك الأراضي المستعملة للمنافع العامة.
ـ رأس مجلس المشورة عام ١٨٢٩، وكان من اختصاصاته البحث في مسائل الإدارة المدنية والعسكرية، وقد قام بعمل إصلاحات واسعة في مديرية الشرقية. وكانت "لائحة زراعة الفلاح وتدبير أحكام السياسة بقصد النجاح" التي ظهرت بعد إنشاء المجلس باكورة أعماله، وكانت تنص على الطريقة الصحيحة لزراعة المحاصيل الزراعية.
ـ أجرى تعديلاً شاملاً في الجهاز الحكومي، وخاصة الخزانة عام ١٨٣١، عندما صار مديرًا للشئون المدنية والعسكرية، فمن أهم أعماله في إدارتها تعليماته باستعمال الطريقة المزدوجة في الحسابات (طريقة ألدوبيا)، واستعمال الأرقام الهندية في الدفاتر الممسوكة بالأرقام الأوروبية.
حريمه وأبناؤه
· كان له عددًا من الزوجات الشرعيات والسرارى أنجب منهن العديد من الأبناء وهن:
· خديجة برنجى قادين: أنجب منها الأمير محمد (١٨١٤-١٨١٩).
· شيوه كارقادين: وهي والدة الأمير أحمد رفعت (١٨٢٥-١٨٥٨).
· خوشيار قادين: وهي والدة إسماعيل (١٨٣٠-١٨٩٥).
· ألفت قادين: وقد رزق منها بالأمير مصطفى بهجت فاضل (١٨٣٠-١٨٧٥).
· كلزار قادين : لم ينجب منها.
· سارة قادين: لم ينجب منها.
· كان لإبراهيم بنتان: الأميرة أمينة توفيت (١٨٢٩)، والأميرة فاطمة (١٨٢٣-١٨٣٢)، وربما رزقتا له من كلزار قادين وحدها أو من سارة قادين وحدها.
صفاته وشخصيته
· من أبرز صفات إبراهيم باشا شجاعته وإقدامه وحزمه، وحبه للنظام فقد كان صارم المعاملة، شأنه شأن رجال العسكرية، كما امتاز بالذكاء والرؤية الصادقة للأمور.
· كان إبراهيم باشا على النقيض من والده رجلاً مستنيرًا، يملك أكبر مكتبة في البلاد، وكان رجل إدارة من الرجال المعدودين.
· على الرغم من تمسـكه الصـارم بالنـظام، كان طيب القـلب، متسـامحًا، وكان يؤثـر جنـوده، حيث عمل على توفير سبل الراحة لهم، وترقيتهم فقد طلب من والده ترقية الضباط المصريين من الصف، ولكن الباشا رفض طلبه محتجًا بـ "أن المصريين لا يملكون صفات القيادة" ولكنه سمح لإبراهيم باشا بترقية المصريين إلى رتبة يوزباشى (نقيب) فقط، حيث لم يتم ترقية المصريين إلى رتبة المقدم إلا في عهد محمد سعيد باشا.
· كان حاد الطبع، سريع الغضب، قال عنه نوبار في مذكراته "إنه فاتح قاس ومحب للعدل، لا يعرف الشفقة"، ولكنه أضاف "إنه كان حاكمًا صادقًا"، وأضاف نوبار "إن إبراهيم اشتهر بالقسوة وكان مرهوبًا حتى من عباس".
· مارس إبراهيم باشا أثناء حرب الجزيرة العربية أبشع أنواع القتل والتنكيل بأقارب محمد عبد الوهاب زعيم الدعوة الوهابية، وقام بترحيل ما يقرب من أربعمائة من عائلتي آل سعود وآل الشيخ إلى مصر، وقام بتصفية جسدية للزعماء والأعيان ونكل بالعلماء الذين قدموا له المساعدة حتى تمكن من احتلال بلادهم.
حروب إبراهيم باشا
· درس إبراهيم باشا النظم العسكرية على يد سليمان باشا الفرنساوي وأصبح الأخير ساعده الأيمن في غزواته اللاحقة.
· عين قائدًا للحملة الحجازية (١٨١٦-١٨١٩) وهي أول حرب خاضها إبراهيم، وفي هذه الحرب استعان بخبرة الأوروبيين في الحروب فاصطحب معه عددًا من الضباط الأجانب منهم الضابط الفرنسي "فيسيير" أحد ضباط أركان الحرب.
· ظل إبراهيم باشا يحارب في شبه الجزيرة العربية حتى تمكن من تدمير مدينة "الدرعية" عاصمة المتمردين. ومنحه السلطان العثماني لقب "أمير مكة" مما رفع مقامه فوق جميع ولاة الإمبراطورية --بما فيهم والده- مما وضع الاثنين في موقف محرج.
· عاون إبراهيم باشا أخاه إسماعيل في فتح السودان وإقرار النظم الإدارية عام ١٨٢١، ولكنه لم يمكث هناك إذ أصيب بمرض شديد اضطره إلى العودة إلى مصر.
· وجاءت حرب اليونان (١٨٢٤-١٨٢٨) فعهد إليه محمد علي قيادة الجيوش المصرية في البر والبحر، وأكسبته هذه الحرب حنكة حربية، حيث حارب جيوشًا أوروبية على أحدث تسليح حربي آنذاك، وقد زاده ذلك علمًا بالتكتيكات الحربية الحديثة.
· وخاض حروب الشام (١٨٣١-١٨٣٣، ١٨٣٩-١٨٤٠م)، وانتصر في معارك عديدة، وكان قاب قوسين أو أدنى من دخول عاصمة الدولة العثمانية، ولكن تدخل الدول الكبرى، وضعت حدًا لطموحاته.
· بموجب صلح كوتاهية (٨ إبريل ١٨٣٣) أصبح إبراهيم باشا واليًا على الشام، ثم صدر فرمان بإسناد إدارة إقليم أدنة إليه (٦ مايو ١٨٣٣).
من أهم أعمال إبراهيم باشا في مصر في مجال الزراعة والصناعة والتجارة
الزراعة
· أول من أدخل وابور المياه في رفع المياه اللازمة لزراعته، وكان يدار بالبخار مما أدى إلى انتشاره بين كبار المزارعين.
· اهتم بإنشاء الحدائق، حيث أنشأ حديقة بجزيرة الروضة إحداهما على النسق الإنجليزي والأخرى على النسق الفرنسي، وجمع فيهما أغلب الأشجار الأوروبية والأمريكية والهندية.
· أدخل إبراهيم باشا إلى مصر زراعة الشاي والبن والقصب الأحمر وأشجار الخشب (الأبنوس) وأشجار الفاكهة (المانجو والجوافة) وأشجار الزينة وغيرها.
· زرع الزيتون والبرتقال، وأدخل مع والده زراعة أنواع العنب المختلفة، وزراعة الخضر الأجنبية مثل البطاطا والبطاطس.
· كان يملك مزارع للقصب في الصعيد، ومنحه والده -علاوة على ذلك- ألف فدان لزراعتها قصبًا لحسابه الخاص.
· غرس إبراهيم باشا حتى عام ١٨٣٥لحسابه الخاص ٥٣٤ ,٠٠١ ,٥ شجرة من ٢٥ نوعًا من أنواع أشجار الغابات، ٢١٤ ,٥٨٦ شجرة من ٤١ نوعًا من أشجار الفاكهة تنقسم إلى ٧٣٤ صنفًا مختلفة.
· غرس أشجار التوت في عديد من الأراضي لتوفير الطعام اللازم لدود القز، فكانت مصر تزرع التوت البلدي فجلب نوعين آخرين هما: التوت الأبيض من الصين والتوت الفلبينى.
الصناعة
· اهتم بصناعة السكر، حيث قام بزراعة مساحات شاسعة منه، فأنشأ مصنعًا يدار بالبخار لتكرير السكر بالقرب من فرشوط، كما أنشأ مصنعًا غرب القاهرة فيما بين القصر العيني وقصره الذي عرف بالقصر العالي لصنع السكر.
التجارة
· أدخل إصلاحات في نظام المحكمة التجارية. وكان يفضل حرية التجارة عن نظام الاحتكار الذي وضعه والده، حيث إن النظام الأخير يؤدى إلى"تدهور ثروة أي قطر".
من أهم أعمال العمران في عهده
· إزالة التلال الموجودة بين القصر العالي (منطقة جاردن سيتي)، والقاهرة المعروفة بتل العقارب، كما أزيلت التلال الواقعة بين الناصرية والقصر العيني وانتهى العمل فيها عام ١٨٣٠.
· طلب إبراهيم من المهندس (بونفور) إزالة الأكوام والأنقاض الواقعة بين النيل وبولاق ومصر والفسطاط، وإنشاء متنزهات خاصة مكانها.
· صاحب الفضل في ردم بركة الأزبكية بالقاهرة نظرًا للأضرار الصحية الناجمة عن انتشار القاذورات فيها.
· بنى إبراهيم باشا في القاهرة عدة قصور هي: قصر القبة، قصر المغارة، والقصر العالى.
من أهم إعماله الحربية
· زادت عدد الحصون في عهده إلى خمسة وعشرين حصنًا واهتم إبراهيم باشا باستكمال تحصينات الإسكندرية بتزويدها بالجنود والأسلحة، كما أمر بتمهيد طريق عسكري من الإسكندرية إلى أبى قير ورشيد لنقل الجنود والأسلحة إلى الحصون.
من أهم أعمال إبراهيم باشا في الشام على سبيل المثل لا الحصر
الإدارة
· قسمت الشام إلى ست مديريات -مع بعض التعديلات الطفيفة فيما بعد- يتولى كل منها مدير، وأصبح للمدن الكبرى محافظون هم حكام عسكريون، لمساعدة السلطة المدنية.
· كوَّن في الشام مجلسًا للشورى يتكون من (٢٢) عضوًا في كل مدينة لا يقل عدد سكانها عن ٠٠٠ ,٢٠ نسمة ، وكانت تمثل فيه كافة الطوائف.
الزراعة
· منح الأطيان الزراعية لمن يريد زراعتها، وأعفاها من الضرائب إذا كانت تحتاج إلى إصلاح.
· نظرًا لاهتمامه بتربية دودة القز، فقد أكثر من غرس أشجار التوت لهذا الغرض، وغرس في أحياء أنطاكية أشجار الزيتون، وازدهرت زراعة العنب، إذ زرع ٠٠٠ ,١٤ شجرة من عنب بردو بالقرب من حلب. واهتم إبراهيم بزرع المحاصيل الأخرى كالقطن والحبوب والقنب والطباق ونباتات الصباغة وغيرها. وأحضر تقاوي الذرة الأفرنجية لزراعتها، وأدخل في الشام كثيرًا من الخضر الجديدة كالبطاطس.
· أنشأ بنك التسليف الزراعي لتوفير السلفيات اللازمة لزراعة الأرض.
· زرع لحسابه الخاص سهل أنطاكية وكان بورًا.
الصناعه
· لما كان الحرير هو المحصول الرئيسي للشام، فقد اهتم بتربية دود القز، وأدخل بيض دودة القز من فرنسا وإيطاليا مما ساعد على تحسن نوع الحرير.
· أنشأ في صور مصنعًا لنسيج الصوف. واستورد من فرنسا معاصر الزيت لاستخراج زيت الزيتون.
المعادن
· عمل على التنقيب عنها في جبال الشام، فبحث الفرنسيون عن الرخام، وفي لبنان اكتشف بعض الإنجليز نوعًا من الفحم الحجري.
المواصلات
· أنشأ (٣٠) مركباً للملاحة في نهر الاورنت حتى أنطاكية.
التعليم
· وضع خطة خاصة بإنشاء مدارس حكومية في المدن الرئيسية وفقًا للنظام المتبع في مصر. وأنشئت مدرسة نظامية، وكلية حكومية في دمشق.
الصحة
· أنشأت حكومة محمد علي محجرًا صحيًا في بيروت، وبذلت جهودًا كبيرة في الأمور الصحية، فأنشأت مصارف للمياه الراكدة.
إبراهيم باشا في أيامه الأخيرة
· مرض إبراهيم باشا بالسل الرئوي، فذهب إلى إيطاليا وفرنسا وإنجلترا للاستشفاء، ثم عاود السفر عام ١٨٤٧، ولكنه عاد وما يزال مريضًا، في الوقت نفسه تدهورت الأحوال الصحية لمحمد علي باشا عام ١٨٤٧، فتكون مجلس أطلق عليه "المجلس الخصوصي" لإدارة شئون الدولة كان يرأسه إبراهيم باشا نجل الوالي.
· سافر إبراهيم باشا للاستشفاء في نابولي عام ١٨٤٨، وهناك تقابل مع والده محمد علي الذي كان يعالج هناك أيضًا -وتوجه الاثنان لمرسيليا، حيث بقى محمد علي للعلاج، حينما عاد إبراهيم لمصر. وعقب عودة محمد علي من الخارج تدهورت حالته الصحية مرة أخرى، وأصيب في قواه العقلية، فتم تشكيل مجلس من اثنتي عشر عضوًا للقيام بأعباء الحكم في الدولة، وكان يرأسه إبراهيم باشا رئيسًا وعباس باشا وسعيد باشا وغيرهم.
· ونظرًا لتفشي وباء الكوليرا في القاهرة والإسكندرية عام ١٨٤٨، اضطر إبراهيم باشا إلى الذهاب إلى رودس في يوليه وعاد منها في نهاية أغسطس وقد اشتد عليه المرض.
· وبالرغم من ذلك فقد قام بأعباء الحكم بصفة رسمية، عقب موافقة السلطان في الرابع من يوليه عام ١٨٤٨، بتوليه ولاية مصر ابتداء من الثاني من سبتمبر ١٨٤٨.
· تدهورت صحة إبراهيم وتوفي في العاشر من نوفمبر ١٨٤٨.
المصدر : مكتبة الأسكندرية