احتجاجات الأردن تلغى قانون الضريبة وتسقط الحكومة ، وما زال الشعب هو السيد

قال رئيس الوزراء الأردني الجديد عمر الرزاز يوم الخميس 7 يونيو  إنه سيسحب مشروع قانون ضريبة الدخل مذعنا لمطلب رئيسي للمحتجين الذين أسقطوا الحكومة بالفعل ، وأضاف الرزاز للصحفيين بعد اجتماع في البرلمان للتشاور على تشكيل الحكومة الجديدة أن هناك توافقا على سحب مشروع القانون.

وبدأت أكبر احتجاجات يشهدها الأردن منذ سنوات قبل ثمانية أيام بسبب زيادات ضريبية ورفع الدعم تنفيذا لسياسات أوصى بها صندوق النقد الدولي من أجل خفض الدين العام الكبير ، ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله يوم الثلاثاء إلى إطلاق حوار بشأن مشروع قانون ضريبة الدخل بعد قبوله استقالة هاني الملقي سلف الرزاز.

وقال الرزاز يوم الخميس إنه سيجري ”مشاورات واسعة مع المجتمع المدني حول نظام ضريبي جديد لا يتعدى على حقوق المواطن“.

واستمرت الاحتجاجات ليل الاربعاء حيث احتشد المئات في العاصمة عمان ومدن أخرى ورددوا هتافات تطالب بسحب قانون الضرائب وتغيير الحكومة. ويوم الأربعاء أغلقت بعض الشركات والمتاجر أبوابها في إضراب.

وبدأ الرزاز، خريج جامعة هارفارد، يوم الخميس محادثات مع أعضاء في مجلس النواب بهدف تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية للبلاد في محاولة لتعزيز الثقة.

وقال الرزاز للصحفيين خارج مبنى البرلمان بعد اجتماع مع رئيسه ”الأولوية الأولى أن نتشاور مع مجلس النواب ومجلس الأعيان والنقابات بما يتعلق أولا بمشروع قانون ضريبة الدخل وثانيا في كل البرنامج... وإن شاء الله اليوم راح ننجز عددا كبيرا من اللقاءات ومنها نقدر نطلع بتصور واضح بنهاية نهار اليوم حول المستقبل“.

وعبر الرزاز عن أمله في أن ينجح في تهدئة الأردنيين متعهدا بالاستماع إلى مطالبهم.

وقال ”علينا أن نتخذ إجراءات فورية لإعادة العربة إلى المسار الصحيح“.

* إصلاحات الصندوق

يحاول الأردن تنفيذ إجراءات أوصى بها صندوق النقد الدولي منها زيادات ضريبية ورفع للدعم مما أثر على الأسر الأكثر فقرا وأسر الطبقة المتوسطة.

وسيطلب الأردن من الصندوق مزيدا من الوقت لتنفيذ الإصلاحات بعد أن أظهرت موجة الاحتجاجات أن الضغط على البلاد يهدد بإثارة اضطرابات.

وقال جيري رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولي للصحفيين في واشنطن إن الصندوق يرحب بدعوة العاهل الأردني إلى حوار وطني حول مشروع قانون الضرائب.

وأضاف أن الصندوق سيعمل مع الحكومة الجديدة في الأردن لإتمام مراجعة لبرنامجه لإقراض البلد المثقل بالديون في أقرب وقت ممكن، لتقديم شريحة ائتمانية أخرى بقيمة 70 مليون دولار.

وذكر رايس أن بعثة للصندوق زارت الأردن في الفترة من 20 إلى 31 من مايو أيار وأجرت ”مناقشات مثمرة“ باتجاه تحقيق هذا الهدف. وأضاف أن الصندوق مهتم ”بالبعد الاجتماعي“ للبرنامج.

وناشد رايس أيضا المانحين الدوليين عمل المزيد لمساعدة الأردن بمنح تمويلية لتخفيف الضغوط على المالية العامة الناتجة عن وجود أكثر من مليون لاجئ سوري وزيادة الإنفاق على الأمن.

وظل أكثر من ألف متظاهر يحتشدون أثناء الليل في عمان ويرددون هتاف ”عيش حرية عدالة اجتماعية“.

وأصيب عدة أشخاص بالإغماء وقالت الشرطة إنها اعتقلت رجلا طعن ضابطا. وأغلقت قوات الأمن، التي بدا أنها اعتقلت بعض المتظاهرين، شوارع لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر الحكومة.

واحتفل البعض بتغيير رئيس الوزراء وقالوا إنهم سينتظرون ليروا ما إذا كانت هذه الخطوات ستوقف ارتفاع الأسعار.

لكن بالنسبة للبعض الآخر فالمشكلات أكبر من ذلك بكثير. فقد دعوا لتغييرات أكبر لإنهاء سياسات الحكومة والفساد المستمر منذ سنوات والذي زاد من صعوبات الحياة.

نامى الاستياء منذ إعلان زيادة كبيرة في ضريبة المبيعات وإلغاء دعم الخبز في وقت سابق هذا العام ضمن خطة يدعمها صندوق النقد الدولي لخفض الدين العام البالغ 37 مليار دولار.

وقالت الحكومة إنها تحتاج لمزيد من الأموال للخدمات العامة وإن التعديلات الضريبية تقلص الفوارق الاجتماعية. لكن المتظاهرين اتهموا سياسات الحكومة بالإضرار بالفقراء والضغط على الطبقة المتوسطة.

 

بدأت الاحتجاجات في عمان في أواخر مايو/أيار من العام الحالي، ضد قانون رفع ضريبة الدخل وارتفاع الأسعار في عدد من المدن الأردنية، والتي طالبت بإسقاط الحكومة. ورفع المشاركون في الاحتجاجات شعاراتاً مثل: " لن نركع" و" ما خلقنا لنعيش بذلّ خلقنا لنعيش بحرية" و" الشعب يريد إسقاط الحكومة".

وهذه ليست المرة الأولى التي ينتفض فيها الأردنيون ضد الحكومة، ففي أكتوبر/تشرين الأول عام 2012، قامت نقابات المعلمين والمهندسين والمهندسين الزراعيين بإضرابات عامة في معظم المدن الأردنية بسبب قرار الحكومة برفع أسعار معظم المواد الاستهلاكية وعلى رأسها النفطية، والتي أدت إلى احتجاجات جماهيرية واسعة في البلاد.

قانون جديد

وكان السبب في اندلاع الاحتجاجات، الزيادة المقترحة في ضريبة الدخل التي تقضي بأن يدفع كل من لديه دخل سنوي قدره 8000 ديناراً أو أعلى، ضريبة الدخل، وكلما ارتفع الدخل، ترتفع الضريبة المدفوعة، أي أن الشركات ستواجه ضريبة أكبر. مع تشديد قانون معاقبة المتهربين من الضريبة. وأصدر 78 من أصل 130 نائبا، بياناً أكدوا فيه عدم موافقتهم على هذا القانون الذي " لا يخدم مصالح الناس الاقتصادية والاجتماعية". وقد قدم رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي استقالته بعد لقائه بالملك عبدالله في الرابع من يونيو/حزيران الحالي، وكانت إقالته من بيم المطالب التي قدمها المحتجون.

وكانت الحكومة قد أقرت رفع الأسعار بالإضافة إلى ضرائب قدرها 5.5 في المئة لأسعار المحروقات، و19 في المئة في أسعار الكهرباء، ولكن الملك عبدالله الثاني أمر بتجميد تلك الزيادات بسبب الاحتجاجات الغاضبة التي تعم البلاد لمدة شهر.

الأسباب : 

اقترضت الحكومة الأردنية من صندوق النقد الدولي ملغاً قدره 723 مليون دولار، بهدف القيام بإصلاحات اقتصادية في البلاد، والعمل على التقليل من الدين العام من حوالي 94 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 77 في المئة بحلول عام 2021. فاتبعت الحكومة سياسة التقشف وفرض الضرائب التي تفوق قدرة المواطن.

ودعا مجلس محافظة العاصمة، الحكومة ومجلس الأمة، إلى فتح حوار وطني شامل حول مشروع قانون ضريبة الدخل، للوصول الى اجماع وطني توافقي، فأكد المجلس في بيان له أصدرته في 3 يونيو/حزيران من العام الحالي، على "ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على جميع الاختلافات، مطالباً الحكومة بحماية الطبقة الفقيرة والمتوسطة في اي قرارات اقتصادية تتخذها" حسب ما وصفه موقع وكالة بترا الأردنية.

وكانت الحكومة قد اتخذت الحكومة إجراءاتٍ في السنوات الثلاث الماضية استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي طالب المملكة بإصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة لسداد ديونها المتفاقمة التي تجاوزت الـ 35 مليار دولار.

جدول زمني بالاحتجاجات

15 يناير/كانون الثاني، قررت الحكومة إنهاء الدعم المالي لمادة أساسية هي الخبز. وفرضت ضرائب جديدة على السجائر والمجوهرات والمشروبات الغازية والوقود من أجل زيادة إيراداتها الضريبية بمبلغ قدره 540 مليون دينار ( 761 مليون دولار).

30 يناير/كانون الثاني، بدأ المزارعون في تنظيم احتجاجات تدعو إلى إلغاء الضريبة على المنتجات الزراعية والتي بدأت احتجاجاً على قرار الحكومة في إنهاء دعم الخبز وفرض ضرائب جديدة.

02 فبراير/شباط ، احتجاج عشرات الأردنيين أمام مبنى البرلمان على قرارات الحكومة لزيادة سعر الخبز وفرض ضرائب جديدة.

04 فبراير/شباط، استقال رئيس مجلس لجنة الزراعة خالد الحياري من البرلمان احتجاجاً على الظروف التي يواجهها المزارعون في البلاد.

08 فبراير/شباط، نظم الطلاب في الحرم الجامعي احتجاجاً على رفع الأسعار والضرائب، متهمين الحكومة بـ" تجويع الشعب وزيادة الفقر".

16 فبراير/شباط، خرج المئات من المصلين بعد صلاة الجمعة في مسيرة في عمان احتجاجاً على قرار الحكومة في رفع أسعار المنتجات الغذائية والخبز. ودعوا الحكومة إلى البحث عن خيارات أخرى لتسديد العجز في الميزانية.

23 فبراير/شباط، نظم طلاب الجامعة في مدن معان والكرك والسلط اعتصامات بعد صلاة الجمعة للاحتجاج على قرارات الحكومة في زيادة الأسعار.

26 فبراير/شباط، احتج المزارعون أمام مبنى البرلمان في عمان. وقال رئيس لجنة الدفاع عن المزارعين:" فشلت كل الجهود المبذولة مع الحكومة في حل مشكلة زيادات الضرائب، وأضاف: بأن "الحكومة لم تفِ بوعودها ولم تصدر أي بيان بعد عقد اجتماعها الأسبوعي".

27 فبراير/شباط، قررت الحكومة تخفيض الضرائب على المنتجات الزراعية بعد استمرار الاحتجاجات ضد ارتفاع الضرائب. وقال مجلس الوزراء إنهم " قرروا خفض الضرائب على المنتجات الزراعية للحفاظ على استمرار قطاع الزراعة.

01 مارس/آذار، قالت نقابة الفلاحين إنها ستستمر في الاعتصامات ضد رفع الضرائب حتى يصدر مكتب مجلس الوزراء بياناً رسمياً يقرُّ فيها التخفيض.

02 مارس/آذار خرج مئات المصلين بعد صلاة الجمعة في عدة مدن أردنية لمواصلة احتجاجاتهم على رفع الضرائب

06 أبريل/نيسان، استمرت احتجاجات الكرك لليوم الـ 43 أمام مبنى الحكومة.

16 أبريل/نيسان واصلت الاحتجاجات في مدينة السلط لليوم الـ 73.

06 مايو/أيار، ناقش مجلس الوزراء قانون ضريبة دخل جديد لوضع خطة جديدة.

21 مايو/ايار، الحكومة الأردنية توافق على مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد.

26 مايو/أيار، فشلت النقابات العمالية الأردنية في التوصل إلى اتفاق مع رئيس مجلس الوزراء هاني الملقي حول القانون الجديد.

30 مايو/أيار، تظاهر الآلاف من الأردنيين من مختلف النقابات المهنية والجمعيات والنشطاء وغيرهم في جميع أنحاء البلاد ضد مشروع قانون ضريبة الدخل المقترح.

01 يونيو/حزيران، أوعز الملك عبدالله الثاني إلى الحكومة بإلغاء قرار رفع أسعار الوقود خلال شهر رمضان.

04 يونيو/حزيران، واصل المتظاهرون الاحتجاجات في معظم المدن وأمام البرلمان لأربع ليال متتالية، واستقال رئيس الوزراء هاني الملقي.

04 يونيو/حزيران، كلًّف الملك عبدالله الثاني عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة.

Read 2104 times Last modified on الجمعة, 08 حزيران/يونيو 2018 13:05