Print this page

بشر بن صفوان الكلبى | أمير مصر 101 ـ 102 هـ

بشر بن صفوان الكلبى | أمير مصر 101 ـ 102 هـ بشر بن صفوان الكلبي

هو بشر بن صفوان بن تويل بفتح التاء المثناة بن بشر بن حنظلة بن علقمة بن شرحبيل بن عرين بن أبي جابر بن زهير الكلبي، أمير مصر. وليها من قبل يزيد بن عبد الملك بعد موت أيوب بن شرحبيل في سابع عشر شهر رمضان سنة إحدى ومائة.  قال ابن يونس: وحدث عنه عبد الله بن لهيعة، ويروي عن أبي فراس انتهى كلام ابن يونس، ولم يذكر وفاته ولا عزله. 
وقال غيره: وفي أيام بشر على مصر نزل الروم تنيس وأقام بعد ذلك مدة.

وولاه الخليفة يزيد بن عبد الملك على إفريقية بالغرب، فخرج إليها من مصر في شوال سنة اثنتين ومائة واستخلف أخاه حنظلة بن صفوان على مصر، فأقره يزيد بن عبد الملك على إمرة مصر عوضاً عن أخيه بشر المذكور.
وقال صاحب كتاب البغية والاغتباط، فيمن ولي الفسطاط بعدما ذكر نسبه إلى جده، قال: ولاه يزيد بن عبد الملك، وقدمها يعني مصر لسبع عشرة ليلةً خلت من شهر رمضان سنة إحدى ومائة، فجعل على شرطته شعيب بن حميد بن أبي الربداء البلوي. وفي إمرته نزلت الروم تنيس؛ وكتب يزيد بمنع الزيادات التي زادها عمر بن عبد العزيز، ودون التدوين الرابع ؛ ثم خرج إلى إفريقية بإشارة يزيد بن عبد الملك في شوال سنة اثنتين ومائة، واستخلف أخاه حنظلة. وسبب عزل بشر بن صفوان وتوجهه إلى إفريقية قتل يزيد بن أبي مسلم ؛ وكان الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان استعمل يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج على إفريقية سنة إحدى ومائة، بعد عزل محمد بن يزيد مولى الأنصار؛ فلما ولي يزيد على إفريقية عزم أن يسير فيهم بسيرة الحجاج في أهل الإسلام الذين سكنوا الأمصار ممن كان أصله من السواد من أهل الذمة فأسلم بالعراق؛ فإن الحجاج كان ردهم إلى قراهم ووضع الجزية على رقابهم على نحو ما كانت تؤخذ منهم وهم كفار، فأراد يزيد بن أبي مسلم أن، يفعل بأهل سواد إفريقية كذلك؛ فكلموه في ذلك فلم يسمع وعزم على ما عزم عليه؛ فلما تحققوا ذلك أجمع رأيهم على قتله، فوثبوا عليه وقاتلوه وقتلوه، وولوا على أنفسهم الوالي الذي كان عليهم قبل يزيد المذكور، وهو محمد بن يزيد مولى الأنصار، وكان عندهم؛ وكتبوا إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك: إنا لم نخلع أيدينا من الطاعة، ولكن يزيد بن أبي مسلم سامنا ما لا يرضاه الله والمسلمون فقتلناه وأعدنا علينا محمد بن يزيد؛ فكتب إليهم يزيد: إني لم أرض بما صنع يزيد بن أبي مسلم ؛ وأقر محمد بن يزيد على عمله مدة أيام، ثم بدا له إرسال بشر بن صفوان هذا إلى إفريقية فكتب إليه بالتوجه، وأقر أخاه حنظلة بن صفوان على إمرة مصر عوضه برغبة أخيه بشر في ذلك. وخرج بشر إلى إفريقية ووقع له بها أمور يطول شرحها إلى أن غزا جزيرة صقلية في سنة تسع ومائة وغنم منها شيئاً كثيراً. ثم رجع من غزاته إلى القيروان فتوفي بها من سنته. فاستعمل هشام بعده عبيدة بن عبد الرحمن بن أبي الأغر السلمي. انتهت ترجمة بشر بن صفوان.

السنة الأولى من ولاية بشر بن صفوان على مصر وهي سنة إحدى ومائة : 

فيها استخلف يزيد بن عبد الملك بعد موت ابن عمه عمر بن عبد العزيز في شهر رجب.
وفيها ولى الخليفة يزيد بن عبد الملك عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري على المدينة، وعزل عنها أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فحج عبد الرحمن بالناس؛ وكان عامل مكة في هذه السنة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وكان على الكوفة عبدا لحميد، وعلى قضائها الشعبي ؛ وكانت البصرة قد غلب عليها ابن، المهلب، وكان على خراسان عبد الرحمن بن نعيم. وفيها لحق يزيد بن المهلب بن أبي صفرة بالبصرة وغلب عليها وحبس عاملها عدي بن أرطاة الفزاري وخلع يزيد بن عبد الملك من الخلافة وخرج عن طاعته - وكان يزيد هذا من حبسه عمر بن عبد العزيز في أيام خلافته كما تقدم ذكره - فجهز الخليفة يزيد بن عبد الملك لحرب يزيد بن المهلب الجيوش. ووقع لجيش يزيد بن عبد الملك مع يزيد بن المهلب وقائع آلت إلى أن قتل يزيد بن المهلب المذكور. وفيها توفي أبو صالح السمان وهو المعروف بالزيات، واسمه ذكوان، مولى غطفان، من الطبقة الثانية من الموالي بالمدينة. أسند عن جماعة من الصحابة وروى عنه خلق كثير.

وفيها توفي أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي أبو حفص؛ ولي الخلافة بعد موت ابن عمه سليمان بن عبد الملك بعهده إليه بحيلة وضعها سليمان بن عبد الملك حتى بايعه يزيد وهشام ابنا عبد الملك وتم أمره. ومولده بالمدينة سنة ستين عام توفي الخليفة معاوية بن أبي سفيان أو بعدها بسنة؛ وأمه أم عاصم بن عمر بن الخطاب. فسار عمر بن عبد العزيز في الخلافة سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم من التقلل والتقشف والعدل في الرعية والإنصاف، إلى أن توفي يوم الجمعة لخمس بقين من شهر رجب بدير سمعان وصلى عليه ابن عمه يزيد بن عبد الملك بن مروان الذي تخلف بعده؛ ومات عمر بن عبد العزيز وله تسع وثلاثون سنة وستة أشهر.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: عن يوسف بن ماهك قال: بينما نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز إذ سقط علينا كتاب رق من السماء فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النار.
قلت: وفي هذه كفاية عن ذكر شيء من مناقبه رحمه الله.
وفيها توفي عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزوي الشاعر المشهور، وكنيته أبو الخطاب؛ ولد في الليلة التي مات فيها الخليفة عمر بن الخطاب. وكان الحسن البصري يقول: أي حق رفع، وأي باطل وضع. وكانت العرب تقر لقريش بالتقدم عليها في كل شيء إلا في الشعر حتى أتى عمر هذا فأقرت لها بالشعر. قال ابن خلكان: لم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة، وله في ذلك حكايات مشهورة.
قلت: وتشبيبه بالنساء وحكايته مع فاطمة بنت عبد الملك بن مروان مشهورة. ومن شعره: الخفيف
حي طيفاً من الأحبة زارا ... بعد ما صرع الكرى السمارا
طارقاً في المنام تحت دجىاللي ... ل ضنيناً بأن يزور نهارا
قلت ما بالنا جفينا وكنا ... قبل ذاك الأسماع والأبصارا
قال إنا كما عهدت ولكن ... شغل الحلي أهله أن يعارا
وفيها توفي ذو الرمة الشاعر المشهور، وكنيته أبو الحارث، واسمه غيلان بن عقبة، وهو من الطبقة الثانية من شعراء الإسلام.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع وخمسة عشر إصبعاً. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعاً واثنان وعشرون إصبعاً.

 

السنة الثانية من ولاية بشر بن صفوان على مصر وهي سنة اثنتين ومائة :

فيها وقعة كانت بين يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وبين مسلمة بن عبد الملك بن مروان قتل فيها يزيد بن المهلب المذكور وكسر جيشه وانهزم آل المهلب، ثم ظفر بهم مسلمة فقتل فيهم وبدع وقل من نجا منهم.
وفيها غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية إرمينية وهو على الجزيرة قبل أن يلي العراق، فهزمهم وأسر منهم خلقاً كثيراً نحو سبعمائة أسير.
وفيها غزا العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الروم فافتتح دلسة.
وفيها حج بالناس أمير المدينة عبد الرحمن بن الضحاك.
وفيها توفي محمد بن مروان بن الحكم والد مروان الحمارآخر خلفاء بني أمية الآتي ذكره.
وفيها توفي الضحاك بن مزاحم الهلالي، و هو من رهط زينب زوج رسول الله " ص " ، وكنيته أبو القاسم، وهو من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة. وفيها توفي يزيد بن أبي، مسلم كاتب الحجاج، وكنيته أبو العلاء؛ وكان على نمط الحجاج في الجبروت وسفك الدماء. ولما مات الحجاج أقره الوليد بن عبد الملك على العراق أربعة أشهر؛ فلما مات الوليد وولي أخوه سليمان الخلافة عزله بيزيد بن المهلب بن أبي صفرة المقدم ذكره؛ وأمره سليمان بمسكه وإرساله إليه، فأرسله إليه فحبسه إلى أن أخرجه يزيد بن عبد الملك وولاه إفريقية فقتل هناك في هذه السنة. وقد حكينا ترجمته وقتلته في أول ترجمة بشر بن صفوان.
وفيها توفي عدي بن زيد بن الخمار العبادي التميمي الشاعر المشهور؛ وهو جاهلي نصراني من فحول الشعراء؛ ذكره محمد بن سلام في الطبقة الرابعة من شعراء الجاهلية، وقال: وهم أربعة فحول: طرفة بن العبد وعبيد بن الأبرص وعلقمة بن عبدة وعدي بن زيد بن الخمار. قال أبو الفرج صاحب الأغاني: الخمار بخاء معجمة مضمومة. وفي وفاته أقوال: قيل إنه مات قبل الإسلام، وقيل في زمن الخلفاء الراشدين، وقيل غير ذلك. ومن شعره: الخفيف

أين أهل الديار من قوم نوحٍ ... ثم عاد من بعدهم وثمود
أين آباؤنا وأين بنوهم ... أين آباؤهم وأين الجدود
سلكوا منهج المنايا فبادوا ... وأرانا قد كان منا ورود
بينما هم على الأسرة والأن ... ماط أفضت إلى التراب الخدود
ثم لم ينقض الحديث ولكن ... بعد ذاك الوعيد والموعود

ومنها:

وصحيح أضحى يعود مريضاً ... هو أدنى للموت ممن يعود

أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلاثة أذرع واثنان وعشرون إصبعأ. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعاً وتسعة عشر إصبعاً.

ــــــــــــــــــــــــــــ

من كتاب : النجوم الزاهرة فى أخبار ملوك مصر والقاهرة ـ الجزء الأول

Read 6012 times