عُقبة بن عامر الجهنى

عُقبة بن عامر الجهنى عُقبة بن عامر الجهنى عُقبة بن عامر الجهنى

ثالث حكام بنى أمية على مصر ، هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن رفاعة بم مودوعة بن عدي ابن غَنْم بن الرَّبعة بن رَشدان بن قيس بن جُهينة الجُهَّني ّ ، أبو حماد الصحابيّ ، شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص ثم وليها من قِبَل معاوية بن أبى سفيان بعد موت أخيه عُتية بن أبى سُفيان فى سنة أربع وأربعين ، وكان يخضّب بالسَّوَاد .

 قال صاحب البُغية : ودام بمصر الى أن قدِم مَسْلَمة بن مُخَلَّد على مُعاوية بدمشق ، فولاه مصر وأمره أن يكتُم ذلك عن عُقبة بن عامر ، ثم سيره الى مصر ، وأمر عُقبة بغَزو رودِس ومعه مسلمة بن مخلد المذكور ، وخرجا الى الأسكندرية ثم توجَّها فى البحر ، فلما سار عُقبة استولى مسلمة على سرير إمْرته ، فبلغ ذلك عُقبة بن عامر ، وكان ذلك لعشر بقين من ربيع الأول سنة سبع وأربعين ، وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر ، وتولى مسلمة ، وآخلا من روى عن عُقبة بمصر أبو قبيل المعافرى المصرى الذى توفى سنة 128 هـ .

وقال الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر فى الإصابة : رَوَى عن النبى صلى الله عليه وسلم كثيراً ، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين ، منهم ابن عباس وأبو أُمامة وجُبَير بن نُفَير وبَعْجَة بن عبد الله الجُهَنيّ وأبو إدريس الخَوْلانى وخلقُ من أهل مصر .

قال أبو سعيد بن يونس : كان قارئاً عالماً بالفرائض والفقه ، صحيح اللسان ، شاعراً كاتباً ، وهو آخر من جمع القرآن ، قال : ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان ، وفى آخره : كتبه عُقبة بن عامر بيده .

وفى صحيح مُسلم من طريق قيس بن أبى حازم عن عقبة بن عامر قال : قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا فى غَنَم لى أرعاها فتركتُها ثم ذهبتُ اليه فقلتُ : بايِعنى ، فبايعنى على الهجرة ، وهذا الحديث أخرجه أبو داوود والنَّسائي ، وشهد عُقبة بن عامر الفُتوح ، وكان هو الرائد الى عُمر بفتح دِمشق ، وشهد صِفين مع معاوية وأمره بعد ذلك على مصر .

وقال أبو عمر الكِنْدي : جمع له معاوية فى إمرة مصر بين الخَرَاج والصلاة ، فلما أراد عَزله كتب إليه أن يَغزو روُدِس ، فلما توجَّه مسافراً استولى مسلمة ، فبلغ عُقبة فقال : أغُرْبةُ وعَزْلاً ! وذلك فى سنة سبع وأربعين ، ومات فى خلافة معاوية على الصحيح .

وحكى أبو زُرعة فى تاريخه عن عبَّاد بن بِشر قال : رأيت رجلاً يحدّث فى خلافة عبد الملك فقلتُ : من هذا ؟ فقالوا : عقبة بن عامر الجُهَنى ، قال أبو زُرعة : فذكرتُه لأحمد بن صالح ، فقال : هذا غلط ، مات عقبة فى خلافة مُعاوية . وكذلك أرّخه الواقديّ وغيره ، زاد فى آخرها : وأما قول خليفة بن خياط : قُتل فى النَّهرَوَان من أصحاب عليّ ، أبو عمرو عُقبة بن عامر الجُهنى فهو آخر ، بدليل قول خليفة فى تاريخه ، فى سنة ثمان وخمسين مات عقبة بن عامر الجهني ، انتهى كلام شيخ الإسلام ابن حجر .

وقال صاحب كتاب ( العقود الدُّرية فى الأمراء المصرية ـ جمال الدين يحيى بن عبد العظيم بن يحيى الجزار المصرى المتوفى سنة 679 هـ ) : توفى عقبة فى سنة ثمان وخمسين بمصر ، وقبره يُزار بالقرافة .

وقال صاحب كتاب ( مهذب الطالبين الى قبور الصالحين ) : عقبة بن عامر الجهني من أعلام الصحابة معدود من خُدام النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يأخذ بِزمام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقودها فى الأسفار ، وعدَّد له رسول الله فضل المُعَّوذَتين وحصه على قراءتهما ، وهو أحد من شهد فتح مصر من الصحابة ، وَوَليَ مصر لمعاوية بن أبى سفيان بعد عُتبة بن ابى سُفيان ، ثم غزا فى البحر سنة سبع وأربعين ، وهو أول من نشر الرايات على السُفن ، فلما خرج الى الغزو جاء كتاب معاوية بعزله وولاية مسلمة ، فلم يُظهر مسلمة ولايته ، فقال عقبة : مالى أرى الأمر أبطأ علي ؟ قالوا : ولَّى مَسلمة بن مُخلَّد ، قال عُقبة : ما أنصفنا مُعاوية ! عزلَنا وغَّرَبَنا .

قال : ولأهل مصر فيه اعتقاد عظيم ، ولهم عنه نحو مائة حديث ، وقد ذكر بن عبد الحكم أحاديثه التى رواها عنه أهل مصر .

الحديث الأول منها : من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى صلاة غير ساهٍ ولا لاهٍ كُفِّر عنه ما كان قبلها من سيئاته .

الحديث الثانى ، قال عقبة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( تعجّب ربك من شاب ليس له صَبْوة )

الحديث الثالث ، قال عقبة : كنت آخُذ بزمام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض غاب المدينة ، فقال لى : يا عُقبة ألا تركب ، فأشفقت أن تكون معصية ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هُنيهة ، ثم ركب فقال : ألا أُعلّمك سُورتين ، فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : فأقرأنى ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) ثم أقيمت الصلاة فتقدم وصلى بهما وقال ( إقرأهما كلما نمت وقمت ) .

ثم قال : وليس فى الجبانة قبر صحابى مقطوع به إلا قبر عُقبة ، فإنه زاره الخَلَف عن السلف .

وقال الشيخ الموفق بن عُثمان فى تاريخه ( المرشد ) ناقلاً عن حَرمَلة من أصحاب الشافعى : إن البُقعة التى دُفن بها عُقبة المذكور بها أيضاً قبر عمرو بن العاص وقبر أبى بَصْرة الصحابيين ، تحويهم القبة التى هدمها صلاح الدين يوسف بن أيوب ثم بناها البناء المعهود الآن . ورُئي بعض ُ الأُمراء فى النوم ممن جاوروه ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟  قال : غفر لى بمجاورة عقبة ، وروى له من البركات روايات كثيرة : منها أن رجلا أُسر له ولد فأتى قبر عقبة ودعا الله عز وجل فقام من عند قبره فلقى ابنه فى الطريق ، انتهى كلام صاحب ( مهذب الطالبين ) .

 

Read 2400 times